رضا سليمان يكتب | للعدالة وجه واحد
دائمًا ما تستغل “قوي الشر” أي حادث علي الساحة الاستغلال الأسوأ، وتبدأ في نشر الأخبار المغلوطة مستغلة سرعة الانتشار التي توفرها السوشيال ميديا وتؤجج نيرانها خلاياهم الإلكترونية بشكل يجعل الكثير ممن ينساقون خلف الأخبار والشائعات فريسة سهلة لهم، ومؤخرًا فطِنت أجهزة الدولة ومؤسساتها إلي ذلك فأصبحت تستغل نفس الوسيلة “السوشيال ميديا” لتضع آخر ما لديها من معلومات وأخبار وهو بشكل غير معلن وأد للشائعات في مهدها، وظهور الأخبار والمعلومات من المؤسسات وإن كان في الحقيقة أمر طبيعي لابد منه، لكنه لابد أن يكون في حدود معينة تحددها الجهة صاحبة الخبر، فليس كل الأخبار والمعلومات صالحة للنشر.
يحتاج الأمر إلي حرفية كبيرة في التعامل، لأن مَن يثير الشائعة يهتم بالمردود من خلفها وهو مردود يخصه هو فقط، وغالبا هو ضد الصالح العام، أما مَن يُكذب الشائعة بالتصريح عن المعلومات الحقيقية هو المهتم بالشأن العام، يضع في اعتباره صالح البلاد طولا وعرضًا، لذا يجب توخي الحذر إلي أعلي درجات التوخي، ومن ذلك حادث سير راح ضحيته أربعة شباب بفعل آخر يقود سيارته داخل المدينة بسرعة وهو تحت تأثير الكحوليات، وفقًا للتقارير الطبية. انتشر الحادث على وسائل التواصل بسرعة ومعظمها في اتجاه أن ما سيحدث هو محاباة الجاني الثري، وذلك كإثارة من ناحية قوي الشر، وبسبب تأثير ترسبات الماضي الحقيقية أو التي صورتها الدراما من أن رأس المال يستطيع تغيير الحقائق وتدمير الأدلة لإنصاف الجاني “للعدالة وجوه كثيرة”، هنا وجدت النيابة العامة أن عليها إطلاع الرأي العام على كل المستجدات لإغلاق الطريق على قوي الشر التي سوف تستغل الحادث للإثارة.
البيان الذي ترك بداخلنا راحة نفسية، هو الذي صدر مساء الرابع عشر من ديسمبر الحالي، تؤكد فيه القبض على محاميين أربعة انتحلوا جميعًا صفة أعضاء نيابة ذهبوا لمطالعة الكاميرات بغرض إتلاف الأدلة، وبمجرد أن تقدمت صاحبة الكاميرات ببلاغ تؤكد فيه شكها ورفضها لما طلبوه حتى تحركت الأجهزة المعنية باهتمام كبير وتم القبض عليهم مما يشعرنا بأننا أصبحنا أمام جهات تهتم بكل التفاصيل، وفي الأخير بالصالح العام، مما خلق حالة من الراحة النفسية لدي المواطنين ظهرت خلال تعليقاتهم على البيان وعلي صفحاتهم.
ثم تتوالي بيانات النيابة العامة لتؤكد للمواطنين أن ما حدث ليست طفرة بسبب حادث بعينه إنما هي عقيدة مترسخة، فظهر بيانها الخاص بفحص قطع أثرية حيث انتهت في غضون خمسة أشهر مضت من فحص ما يربو علي خمسة آلاف قطعة أثرية، وسلمت منها للجنة مشكلة من المجلس الأعلى للآثار عدد ألف وثلاثمئة وأربع وثمانين قطعة ثَبتتْ أثريتها، وغيرها من قطع ذات قيمة فنية وتاريخية مُوصي بتسجيلها كآثار، ثم يأتي بيان جديد بإحالة مُدرسة بإحدى مدارس شبرا الخيمة للمحاكمة الجنائية لتنمرها علي طالب من طلاب الدمج المحتاجين للرعاية، وهي أمور لم نكن نسمع عنها فيما سبق تهدف منها النيابة العامة إلي ضبط الأمور وتحقيق العدالة لكل الفئات.
إن كنا نبحث باستمرار عن العدالة وتحقيقها ويتزايد الشجب والرفض مع كل حادث، بل ونصل إلى مرحلة اليأس مع بعض الأمور، يجب علينا، مع تحقيق العدالة وانطلاق رجالها في طريقهم بهذا الشكل المعتدل والمريح لنا كمواطنين، أن نشيد بهم ونؤازرهم في مسعاهم ونقدم لهم الدعم المعنوي، ونقول لهم بكل إعزاز وفخر “دمتم للعدالة ذات الوجه الواحد.