أحمد محسن قاسم يكتب | المسئولية الاجتماعية للشركات

0

جهود التنمية في مصر لا ينكرها رشيد، حيث تتضافر جهود مؤسسات وهيئات الدولة ومنظمات المجتمع المدني في المشروعات المتنوعة في كل المجالات لتحقيق تلك التنمية، وفي عمليات تلك الجهود تستفيد شركات القطاع الخاص بتنمية أعمالها والمساهمة غير المباشرة من خلال أنشطتهم التجارية في التنمية.

لكن، ليس هذا النموذج للشراكة هو الوحيد الذي يحقق عائدات على مؤشرات التنمية، وإنما يوجد نموذج آخر يحقق عائدات أفضل على مؤشرات التنمية يتمثل في تحويل شركات القطاع الخاص لأحد كيانات المجتمع المدني، من خلال إعادة صياغة لمفاهيم المسئولية الاجتماعية لشركات الخاصة في مجتمع الأعمال وفي تصحيح نظرة الدولة لممارسات ذلك النشاط.
في ضوء إعلان الدولة عن عام 2022 عامًا للمجتمع المدني، فإن الدولة بذلك تكون قد أبدت استعدادها للتطوير اللازم لنشاط منظمات المجتمع المدني، وهنا تكون الفرصة سانحة لإدخال حوالي 180 ألف شركة مساهمة في جهود التنمية المباشرة، وأيضا عدد يقارب المليون كيان آخر من شركات الأشخاص ليس لها مجال أو إمكانية أو خبرة في المساهمة الاجتماعية لاقتصار التشريعات القانونية للمسئولية الاجتماعية على شركات الأموال دون شركات الأشخاص.
الأمر الذي يستلزم المسارعة في وضع قانون تحفيز المسئولية الاجتماعية للقطاع الخاص علي الأجندة التشريعية للبرلمان بغرفتيه، تتماشي فلسفته مع تطور ممارسات المسئولية الاجتماعية للقطاع الخاص مع التطور الحاصل في هذا النشاط في الاقتصاديات الكبرى، الذي انتقل تطبيقه من فلسفة (المسئولية الاجتماعية للشركات – (Corporate Social Responsibility والتي تعرف اختصارًا ((CSR إلى (صناعة القيمة المشتركة – (Creating Shared Value والتي تعرف اختصارًا (CSV).
ليأتي هذا القانون معبرًا عن تلك الفلسفة فيجب أن يراعي فيه ثلاثة محاور بصفة أساسية:
أولًا: إنشاء جهة تابعة للدولة لتنظيم وتوجيه ووضع الخطط الدورية لهذا النشاط تتماشي مع المراحل التي تسير فيها خطط التنمية بالدولة، وبما يحقق مصالح أنشطة الشركات بحل المشكلات الاجتماعية التي تواجه نمو أنشطتها.
ثانيًا: وضع آليات قانونية محفزة أكثر مرونة من فكرة التبرع فقط -دون الإدارة والمراجعة والرقابة- لشركات الأموال المعمول بها الآن في قانون الشركات المساهمة، وفتح الباب لشركات الأشخاص للدخول في جهود التنمية لأول مرة.
ثالثًا: اعتبار أموال وأصول نشاط المسئولية الاجتماعية للقطاع الخاص مالاً عاماً لضمان عدم التلاعب أو سوء إدارة تلك الأموال من كافة كيانات المنظومة.
إذا ما توافرت الإرادة السياسية لنزول الشركات كلاعب أساسي يمتلك المهارات والخبرات والمال مع فريق كيانات المجتمع المدني في مباراة التنمية، فستجد تلك الإرادة الدستور المصري داعما لها بالمادة 36 من مواده، والتي تلزم الدولة بتحفيز القطاع الخاص علي تحمل مسئوليته الاجتماعية تجاه الاقتصاد والمجتمع.
ستجد تلك الإرادة الشركات الكبرى نفسها داعمة لها لتتفادي التكلفة المرتفعة لإدارة ذلك النشاط التي تستلزم إنشاء كيان آخر (جمعية / مؤسسة أهلية) لتفادي العراقيل القانونية الموجودة بالقانون الآن، وكذلك جماعات الأعمال التي تواجهها مشكلات اجتماعية في تطوير أنشطتها.
كما ستجد أيضًا تلك الإرادة دعما من المؤسسات الدينية، لأن فلسفة الـ CSV هي نفسها ممارسة سيدنا عثمان بن عفان في نشاطه، الذي وفر فيه موارد الري عند إنشاء نموذج الدولة في عهد النبي ص بشرائه (بئر أروما) والذي هو أساس وقف عثمان بمكة المكرمة الذي استمر إنتاجه لأكثر من 1400 سنة.

* أحمد محسن قاسم، الأمين العام المساعد لشئون التنظيم بحزب الجيل الديمقراطي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.