ياسر حمدي يكتب | التعليم والوزير والبرلمان

0

منذ اللحظة الأولي لتولي القيادة السياسية مقاليد الحكم وهو تعطي أولوية قصوى لتطوير التعليم في مصر، وسخر كل الإمكانيات المتاحة لتحقيق هذا الحلم العظيم، وجاهد ساعيًا ليصبح حلم الشعب المصري في منظومة تعليمية متكاملة وجديدة تليق به وبطموحاته حقيقة، لتخفف عنه كاهل الأعباء المادية وقلقه تجاه مستقبل الأبناء، وتعمل على بناء الإنسان وتطويره بالشكل الذي يجعله ينافس في أسواق العمل العالمية.

في بداية عام 2017، أسندت مسئولية التربية والتعليم للدكتور طارق شوقي، وجاء الوزير بمنظومة تعليمية جديدة وفلسفة مختلفة عن سابقيه لتطوير التعليم، قد تكون هذه النظرية من الناحية العلمية رائعة؛ لكنها من الناحية العملية لم تحقق المرجو منها، قد تكون وضعت بشكل علمي محترف يجعلها نظريًا تنافس بقوة نظرائها في الدول المتقدمة؛ لكنها من النواحي العملية لم تراعي الجوانب الاجتماعية والبني التحتية للمنظومة التعليمية في مصر علي أرض الواقع، الأمر الذي جعل خبراء التربية والتعليم وأولياء الأمور وغالبية المدرسين يوجهون لها انتقادات عدة.
هذه التجربة جعلت الوزير منذ الإعلان عنها وهو في خصومة دائمة مع كل أركان العملية التعليمية في مصر، وانشغل باله بالرد على منتقديه، وخاض بسببها حربًا ضروسًا مع أولياء الأمور والطلبة لرفضهم ممارساته وقراراته وسياساته التي تبدو خاطئة في بعض الأحيان، وبدلًا من الدخول معهم في حوارات مجتمعية تفضي في نهاية الأمر إلى تطوير التعليم بالشكل الذي يرضي الجميع؛ تشبث برأيه وحارب بكل ما أوتي من قوة من أجل إثبات صحة ما يقوم به، ويؤكد أن قراراته في صالح الطالب والمدرس وولي الأمر.
للموضوعية فإن تجربة طارق شوقي في تطوير التعليم ساندها القاصي والداني بقوة؛ وفلسفة الوزير في التطوير قد تكون من أنجح النظريات العالمية؛ لكن للأسف هو نفسه من ساعد في حدة التوتر والغضب على هذه التجربة؛ بخوضه صراعات متتالية؛ مع عدم الأخذ في الاعتبار لآراء منتقديه، وعدم احترامه للرأي الآخر، وقراراته المتسرعة في الوقت غير المناسب، وخصومة كافة أركان العملية التعليمة في مصر بدلاً من احتوائهم.
الأزمات المتلاحقة التي تواجهها الوزارة والانتقادات الواسعة لامتحانات الثانوية العامة 2021، والتي تمت بشكل ورقي عكس ما كان يتم الترويج له من أن الامتحانات سوف تعقد أونلاين عبر أجهزة التابلت التي كبدت الدولة مليارات الجنيهات، وتكلفة الدولة مبالغ أخري طائلة من طباعة ورق ونماذج البابل شيت، وتفاقم أزمة عجز المدرسين، وعدم قضائه على مشكلة الدروس الخصوصية المتغولة في الزيادة وفي الانتشار كالسرطان، مع أزمة مناهج الصف الرابع الابتدائي، وتدهور البنية التحتية بالمدارس، وعجز الفصول البالغ 250 ألف فصل، ومشكلة الثانوية العامة، تلك الأسباب وغيرها اضطرت مجلس النواب بالتدخل للوقف علي أسباب هذه المشاكل ومعرفة خطط الوزير واستراتيجيته في حلحلتها.
مجلس النواب استخدم دوره الرقابي الذي كفله له الدستور المصري وطلب الوزير للاستجواب منذ شهر أو يزيد، لكي يرد علي طلب الإحاطة المقدم ضده من أحد النواب، لكنه لم يحضر لفترة طويلة، الأمر الذي زاد من حالة الغضب الشديد له تحت قبة البرلمان.
هذه حالة تسبب بها الدكتور طارق شوقي لاعتذاراته المتكررة، وإعلانه عدم حضوره لعدد من الجلسات أمام المجلس، الأمر الذي زاد من حدة الغضب بين النواب والوزير الدائم الغياب.
قبل حضور الوزير الأسبوع الماضي، كان غالبية النواب يستنكرون غياب الوزير عن حضور جلسة استجواب له في المجلس، واعتذاراته المتكررة للرد علي طلبات الإحاطة المقدمة ضده بخصوص مشاكل تواجه طلبة التربية والتعليم، الأمر الذي جعل بعض نواب البرلمان يطالبون الدكتور طارق شوقي بتقديم استقالته طالما لا يمكنه التفرغ للرد علي تساؤلات النواب، الخاصة بأزمات اعتبروها كارثية داخل أروقة وزارة التربية والتعليم، وعدم الاهتمام بما يبدي من قبل أعضاء المجلس في ذلك الشأن، وطلب الاستقالة اعتبروه ضرورة حتمية خاصةً في ظل تساؤل الشارع عن سبب أغلب الأزمات التي تلاحق وزارة التربية والتعليم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.