فرج أبو العز يكتب | موقعة “السناتر”

0

“ما لا يدرك كله لا يترك كله” هذا عين العقل والمنطق بل والسلوك الطبيعي فلماذا نجرم مراكز الدروس الخصوصية رغم عدم قدرتنا على مواجهتها واقعيًا؟ فنحن نطاردها ثم يُعاد فتحها بعد دقائق من الحملات في لعبة كر وفر الرابح فيها المسئولين عن تلك السناتر والخاسر فيها دائمًا ظاهريًا هم مسؤولي ملف التعليم، لكن الخاسر الحقيقي هم الطلاب وأولياء الأمور.
الضرائب اعترفت بالأمر الواقع وفرضت على السناتر فتح ملفات ضريبية لاسترداد حق الدولة وهذا عمل حميد من مصلحة الضرائب. وعلى وزارة التربية والتعليم في الأساس أن تعترف بهزيمتها في موقعة السناتر وأن تعترف بها وأن تفرض كامل رقابتها على تلك السناتر التي تتسلل رويدا رويدا لتصبح البديل للمدارس وهذا مكمن الخطر الذي نحذر منه مرة ومرات.
مقبول أن تكون السناتر بديلًا أقل تكلفة للدروس الخصوصية، لكن غير المقبول على الإطلاق أن نترك السناتر تترعرع وتستفيد من الحالة المزرية للمدارس حاليًا، وأن تتحول لتلعب دور التربوي والمعلم في آن، والعاملين بها يفتقدون للتأهيل المطلوب للعب الدور التعليمي فما بالك إذا تولت أيضًا الدور التربوي؟
الرقابة الصارمة من قبل وزارة التربية والتعليم على تلك الكيانات الحل العاجل والسريع لمنع تغلغلها في الدور التربوي لأبنائنا حتى لا نفاجأ بأنهم يزرعون الألغام لتفجير المجتمع وبصراحة وكل صراحة حتى لا يدخل فيها إخوان الشر ويلعبون في أدمغة شباب هم بلا شك عماد مستقبل الوطن والمدافعين عن ترابه.
أما الحل المثالي المطلوب لكن تنفيذه يستغرق وقتها هو إعادة إحياء دور المدرسة لتلعب دورها التقليدي المعهود بالاستفادة بالقطع من التقنيات الحديثة لتعود المدرسة مربيا كما كانت في السابق بجانب الدور التعليمي لها مع احترامنا الكامل لمحاولات تطوير المناهج التي تتبعها الوزارة لرفعة الشأن العلمي لأولادنا دون تعقيد أو صعوبات بما يؤهلهم فعليا لوظائف المستقبل والتي لا شك أنها ستكون مختلفة تماما في الكيفية والتأهيل عن وظائف اليوم.
الجمهورية الجديدة قادرة بلا شك في إصلاح منظومة التعليم وكان لها فضل السبق في إعادة الطابور الصباحي والسلام الجمهوري لمدارسنا بعد أن أهمل لفترة طويلة.
في هذا السياق نريد مدارس توفر أبنيتها المناخ الصحي والآمن للتلاميذ. نريد مدارس تتوفر بها منشآت رياضية من باب العقل السليم في الجسم السليم فكم من أبطال في مختلف الرياضات خرجتها مدارسنا. علينا أن نعيد للمكتبة دورها في المدارس فهناك أساطين الأدب الذين كان زادهم للمعارف مكتبة المدرسة رغم بساطتها. نريد وحدات صحية مصغرة في المدارس لمواجهة الحالات الطارئة وتحويلها للمستشفيات المختصة. ونريد معلمين مؤهلين تربويًا وعلميًا للتعامل مع الطلاب بدلًا من ترك الساحة لغير المؤهلين لدخول عمل في الأصل رسالة وليست وسيلة للتربح وجمع الطلاب للدروس الخصوصية.
نريد عودة حصص التربية الموسيقية والتربية الرياضية لمدارسنا التي كانت في السابق بابًا مهمًا لتخريج المبدعين موسيقيًا ورياضيًا وكل المجالات وكانت منبعًا مهمًا للقوى الناعمة التي ترقى بالذوق العام وتواكب أولًا بأول قضايا الوطن.
نعلم أن مشوار إعادة إحياء دور المدرسة التربوي والتعليمي والنشاطي طويل ويحتاج ميزانيات كبيرة لكن إرادة القيادة السياسية تجعلنا نطمح في وضع هذا الملف المهم بل المهم جدًا محل النظر والتدقيق فهناك بالفعل إرادة صادقة من الدولة للإصلاح في كل المجالات ولا يكاد يخلو يوم من إنجاز جديد يضاف لمقدرات الوطن لكن التعليم والصحة من وجهة نظري المتواضعة لا بد وأن يكون له الأولية القصوى ولا شيء يعلوه غير واجب الدفاع عن تراب الوطن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.