سيف الله ذوالفقار يكتب | روسيا وأوكرانيا والاقتصاد المصري

0

إنّ الصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا سيكون له تأثير بالسلب على الاقتصاد العالمي بلا شك، خاصة في ظل الأثر السلبي الذي تركته جائحة كورونا، إضافة إلى الموجة التضخمية العالمية التي زادت من أسعار السلع الغذائية وغيرها، وهذا الأثر السلبي سيزيد لو زاد التوتر بين روسيا وأوكرانيا وتطور إلى حرب شاملة.
في ظل الانفتاح المصري علي الاقتصاد العالمي يأتي تأثير الحرب الروسية-الأوكرانية مباشر على الاقتصاد المصري في عدة مجالات، سواء كانت تأثيرات فورية لإعلان الحرب وبدء العمليات العسكرية أو تأثيرات قد تحدث على مدى أيام أو أسابيع أو حتى أشهر، وفيما يلي نستعرض في إيجاز أهم تأثيرات تلك الحرب على الإقتصاد المصري.
في تأثير فوري للعمليات العسكرية، هوت البورصة المصرية في بداية تعاملات جلسة يوم الخميس بنحو 3.25% إلى مستوى 10939 نقطة ثم امتصت البورصة موجة الهبوط لتقلص التراجع إلى نحو 2.5% قبل أن تعود للتراجع مرة أخرى حاليا في حدود 3.63% بنهاية الجلسة. وقد خسر رأس المال السوقي نحو 24.4 مليار جنيه من قيمته، وهبط مؤشر EGX70EWI للأسهم الصغيرة والمتوسطة 9.02%، كما انخفض مؤشر EGX100EWI الأوسع نطاقا بنسبة 7.28%.
بالنسبة للذهب فقد قفزت أسعاره في مصر خلال التعاملات التالية لإعلان الحرب 34 جنيها للجرام الواحد مقارنة بمستواه اليوم الذي سبقه وذلك بعد أن قفزت الأسعار العالمية بأكثر من 42 دولارا للأوقية.
بالنسبة للبترول فقد قفزت أسعار خام البرنت خلال التعاملات التي تلت إعلان الحرب 8% ليتجاوز مستوى 105 دولارات لبرميل خام برنت لأول مرة منذ عام 2014، قبل أن تهبط تحت مستوي المائة دولار عقب إعلان الولايات المتحدة فرض عقوبات اقتصادية على روسيا لتستقر عند 98.5 دولار. ونوضح أن ارتفاع أسعار البترول يؤدي إلى زيادة تكلفة استيراده على مصر، وبالتالي انعكاس ذلك على الموازنة العامة للدولة خاصة فيما يتعلق ببند دعم الوقود. كما قد يؤدي ارتفاع أسعار البترول لعدة أسابيع بالقرب من هذه المستويات إلى رفع جديد في أسعار البنزين وربما أنواع أخرى من الوقود في الاجتماع المقبل للجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية الشهر بعد شهرين من الأن.
جدير بالإشارة أن البنك الدولي أعلن إن كل زيادة بمقدار 10 دولارات في سعر النفط العالمي عن السعر المقدر له في الموازنة العامة لمصر خلال العام المالي الجاري، سيترتب عليها ارتفاع نسبة العجز في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 0.2% إلى 0.3%. وتقدر مصر برميل خام برنت في الموازنة العامة للدولة للعام المالي الجاري عند 60 دولارًا، وبالتالي يزيد السعر الحالي عن هذا المستوى بنحو 45 دولارا.
على صعيد آخر ارتفعت أسعار القمح العالمية إلى أعلى مستوى لها منذ 9 سنوات مع اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وذلك بعد قفزتها بنسبة تخطت 5% لتصل إلى 9.26 دولار للبوشل (27.2 كيلوجرام). وتسيطر روسيا وأوكرانيا على نحو 29% من تجارة القمح العالمية، وتعد روسيا وأوكرانيا من أكبر موردي القمح إلى مصر. ويأتي موعد اندلاع الحرب قريبا من موسم حصاد القمح المحلي في أبريل المقبل، بالإضافة إلى وجود احتياطٍ كافٍ من القمح لمدة تزيد على 4 أشهر الأمر الذي يساعد مصر على تخطي التأثير المباشر لتلك الزيادة المفاجئة رغم كون مصر أكبر مستورد للقمح في العالم فإنها لا تتوقع تأثيرًا كبيرًا للحرب الروسية الأوكرانية عليها في الوقت الحالي.
تعد دولتا روسيا وأوكرانيا من أكثر الدول التي يفد منها السياح إلى مصر، فالسياح الروس والأوكرانيين شكلوا ما يقرب من ثلث عدد الاثني عشر مليون سائح الذين زاروا البلاد في سنوات الذروة السابقة لجائحة كورونا. وبالتالي من المتوقع أن يؤثر اندلاع الحرب على أعداد الوفود القادمة منها إلى مصر. وقبل اندلاع الحرب، قال عاملون ومستثمرون في مجال السياحة، لمصراوي، إن حجوزات السياحة الروسية والأوكرانية إلى مصر تراجعت خلال الشهر الجاري بحوالي 30%، مع تصاعد التوترات السياسية بين البلدين خلال الفترة الماضية. مما يقلص من دخل السياحة إلى مصر ويبطئ عملية تعافي قطاع السياحة من جائحة كورونا، حيث تعد إيرادات السياحة من مصادر الدخل الرئيسية من العملة الصعبة للإقتصاد المصري.
من ناحية أخري نشير إلى أنه هناك بعض التأثيرات الإيجابية للحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد المصري، فقد سجلت أسعار الغاز الطبيعي ارتفاعًا بنسبة 5.9% إلى 4.90 دولار لكل مليون وحدة بريطانية خلال التعاملات التي تلت إعلان الحرب. يعد ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي عاملا إيجابيا لمصر باعتبارها إحدى الدول المصدرة للغاز ومركزا إقليميا للطاقة، وبالتالي تنعكس الزيادة في الأسعار إيجابيا على إيراداتها البترولية. ويعد زيادة احتياجات أوروبا في ظل ارتفاع أسعار الغاز فرصة جيدة لمصر لزيادة صادراتها من الغاز المسال، ولكن تأتي العقبة من حدوث هذه الاستفادة عمل محطتي إسالة الغاز الطبيعي بمصر بأقصى طاقة لهما وبالتالي عدم استطاعة تصدير شحنات إضافية، ولكن في كل الأحوال تؤثر زيادة الأسعار إيجابيًا في الإيرادات القادمة وبالتالي تنعكس على خفض عجز الميزان التجاري وتشكل فرصة ذهبية لمصر لتكون بديلًا لمد أوروبا باحتياجاتها من الغاز الطبيعي في حالة تطورت الأمور وانقطعت إمدادات الغاز الروسي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.