محمد فرج يكتب | نحو ظهير شعبي لمبادرة حياة كريمة

0

الناظرون إيجابيًا لمبادرة حياة كريمة، ونحن منهم، يريدون لهذه المبادرة الهامة أن تنجح في تحقيق أهدافها الشاملة، التحديثية والاجتماعية والثقافية، أي تحديث وتطوير البنية الأساسية في الريف المصري، وتطوير وتنمية الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للقوى الاجتماعية والشعبية في الريف، أي الجمع بين تنمية وتحديث وتطوير كل من البشر والحجر.

إذا لم تنجز مبادرة حياة كريمة من مهامها التحديثية، سوى تطوير حالة الصرف الصحي في ريف مصر، لقلنا لها تعظيم سلام، وقمنا برفع القبعة لها، وقدمنا التحية لهذه الخطوة التحديثية الهامة، فهي مع مشروع تبطين الترع وفروع شبكة الري، ومد شبكات الغاز للمساكن الريفية، تمثل نقطة انطلاق هامة لانتشال القرى المصرية والمحافظات الزراعية من مراحل العشوائية والإهمال والتجاهل الطويل.

لكن طموحنا نحن الداعمين لأي خطوة حقيقية وجادة تسير نحو تحديث الريف المصري، يدفعنا للنظر إلى مبادرة حياة كريمة نظرة شاملة، ويطرح علينا ضرورة البحث في كيفية العمل معًا من أجل أن تكون هذه المبادرة الهامة مشروعًا قوميًا لتحديث مصر كلها ريفًا وحضرًا، والبحث في كيفية أن تتكامل هذه المبادرة في جوانبها المرتبطة بتحديث البنية الأساسية، وجوانبها المرتبطة بالتنمية البشرية، وجوانبها الشعبية المرتبطة بالجوانب الاجتماعية والسياسية والثقافية.

نعلم أن مبادرة حياة كريمة لا تقف عند عمليات تحديث البنية الأساسية وحدها في الريف، المرتبطة بتحديث شبكات الصرف الصحي، والمتكاملة مع تطوير شبكات الري، وتأخذ أبعادًا اجتماعية عن طريق ترميم وتطوير بيوت الفقراء وإعادة بناء المهدم منها، وتأخذ أبعادًا ثقافية بتطوير مراكز الشباب، وتنطوي على توجهات وبنود خاصة بتصنيع الريف عن طريق تحديد عدد من المناطق والمجمعات الصناعية.

لكن هذه الجوانب الهامة فيما نعتبره أساسًا لتحديث الريف اقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا، عبر اهتمام الدولة ببناء ريف منتج عبر تصنيع الزراعة وتصنيع الريف، واهتمام الدولة بالفئات الاجتماعية الشعبية والفقيرة عبر مواجهة الفقر والعوز، واهتمام الدولة بالشباب عبر تطوير مراكز الشباب وبيوت وقصور الثقافة، لكن هذه الخطوات والجوانب الهامة تكاد تختفي خلف عمليات تطوير وبناء وتحديث البنية الأساسية، وهي عمليات تطوير وتحديث هامة، لكنها عمليات بناء من طبيعتها أن تقوم بها الحكومة والأجهزة الحكومية وشركات المقاولات، بعيدًا عن أي مشاركة شعبية أو سياسية أو ثقافية حقيقية وفاعلة، بعيدًا عن الاهتمام المنظم للفئات الاجتماعية الشعبية من أصحاب المصلحة في عمليات التحديث والتطوير، بعيدًا عن مشاركة الفئات والقوى الشعبية الشبابية والنسائية، بعيدًا عن مشاركة القوى الثقافية والفنية من الكتاب والأدباء والفنانين، الأمر الذي يحرم هذا المشروع التحديثي الكبير من وجود ظهير شعبي، اجتماعي وسياسي وثقافي مشارك وفعال وصاحب مصلحة، يحمي هذا المشروع ويدافع عنه ويتقدم به نحو آفاق اقتصادية وسياسية وثقافية بعيدة المدى.

إن بناء هذا الظهير الشعبي الداعم والمساند لمبادرة حياة كريمة يحتاج إلى إرادة سياسية نظن أنها متوفرة، ويحتاج إلى مشروع سياسي ثقافي يمثل جوهر ومضمون وهدف هذا التوجه الحداثي والتحديثي، ذلك أن بناء هذا الظهير الشعبي باحتشاده حول مشروع سياسي وثقافي، ودوره المشارك الفاعل، كفيل بأن يجعل من هذه المبادرة مشروعًا قوميًا لتحديث وتطوير مصر كلها، اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا وثقافيًا، انطلاقًا من تحديث الريف ومواجهة ظواهر الفقر والتخلف بكل تجلياتها الاجتماعية والثقافية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.