عمرو درويش يكتب | انتبه فالأسواء لم يأت بعد
انتبه.. فالأسواء لم يأتِ بعد. هل أفزعتك العبارة؟ أم أقلقتك؟ أم أنك لا تبالي؟ إنها الحقيقية، ونسأل الله السلامة. فما يمر به العالم من حولنا من اضطرابات وصراعات منتشرة، ولسنا منها ببعيد، هي نتاج لما فات ونذير لما هو آتٍ. التصاعد المستمر للصراع القطبي بين القوى العظمى هو مؤشر خطير على الاقتراب من شفى هوة سحيقة سيضيع في إثرها أبرياء كٌثر، إذا لم يتم احتواء هذا الصراع الدامي، وتتغلب الحكمة ومصلحة هذا الكوكب الذي أضحى بائساً من فرط الأطماع الغير مسبوقة للسيطرة على مقدراته وثرواته التي باتت تنضب شيئًا فشيء. أما اّن لحالة الصراع الدامي لفرض حالة الفوضى العالمية من أجل أن تظل السيادة في يد قوة عظمى واحدة دون غيرها، أن تنتهي؟ هل يبالي هؤلاء عن مصير الأبرياء في دول الصراع العالمي؟ هل ينظرون إلى مصير الدول الواقعة بين شقي رحى هذا الصراع؟ هل يوجد منتصر أو فائز؟ ألا تكتفي هذه القوى بما حاق بالبشرية خلال الأربعة أعوام الماضية من تفشي الأوبئة والجوائح؟ هل هي شراهة لاستدعاء عقاب إلهي أشد حتى يستفيق العالم من غفوته؟
ما هذه النظرة التشاؤمية أيها الكاتب؟ أما يكفيك ما نمر به من ضوائق وشدائد وغلاء مخيف، وارتباك في حياتنا؟ حتى تثقلنا بما يحدث حولنا من صراعات، ونحن عنها ببعيد؟ ألم يكن من الأجدى أن تمنحنا لمحة من تفاؤل تبعث في نفوسنا الأمل في مستقبل أفضل وحياة سعيدة تعوض شدائد الإصلاح التي نمر بها منذ فترة؟
صدقي القارئ العزيز. ألا يجب أن تعلم أين نقف؟ ماذا نفعل، وما يجب علينا أن نفعل؟ ألا يليق بك وأنت المصري ذو التاريخ والحضارة المشرّفة أن تستعد لحماية حاضرك ومستقبلك؟ أما ينبغي أن نعي ما يحدث حولنا حتى نستطيع أن ننجو بمشيئة الرحمن من طوفان باتت ملامحه تتضح رويداً رويدا؟
صديقي القارئ العزيز. هل أرهقنا أنفسنا قليلاً لنقرأ؟ لنعرف أن ما يحدث الان في أرجاء الكوكب والمنطقة العربية على وجه الخصوص هو مكتوب في كتب ووثائق ترجع إلى خمسينيات القرن الماضي؟ وكأن كاتب التاريخ قد نسخ نسخا لمحتوى هذه الكتب، أو أن أصحابها قد تنبؤا بالغيب؟ أو انها مؤشرات على وجود مخططات تقسيم المنطقة وتفكيك الأوطان حتى تظل السيطرة والهيمنة ومقدرات الشعوب في قبضة غليظة وحيدة؟ غير عابئة بمصائر البسطاء، غير عابئة بقيم الإنسانية والوجود. هل شاهدنا واستمعنا لمحتوى الأحاديث المسجلة لقادات دول ورؤساء أجهزة يتحدثون ويكشفون عن مخططات إخضاع الدول وتفكيك القوى؟ أرهق نفسك قليلاً بالبحث وستكتشف الحقائق.
صديقي القارئ العزيز. لم يعد بالإمكان ألا نبالي، وألا نهتم. إن المصائر أصبحت واحدة وكأنك بالسفينة التي يجب أن يشد أهلها عضد بعضهم بعضا حتى النجاة. الوعي والادراك، ثم الاستعداد والانطلاق هي السبل لتخطي ما نتعرض له من أمواج عاتية. فمصر دولة صلبة متماسكة، استطاعت أن تثبت للقاصي والداني أنها عند الشدائد تقوى وعند الصعاب تتخطى وعند النوازل كالجبال الراسية. صحيح أن ما نمر به في هذه الحقبة التاريخية أشد بكثير مما تعرضت له البلاد على مر تاريخها، إلا أننا قادرون بحول الله وقدرته على التخطي.
من أجل ذلك ننبذ الخلافات ونرتب الأولويات، نثق في دولتنا وقيادتنا ومؤسساتنا. فالوعي أن نعي ما يحاق بنا وان نكشف لأنفسنا الحقائق والا ننجرف وراء الشائعات والإحباط. أن ندرك حقيقة مشاكلنا الداخلية ومهددات محيطنا الإقليمي والدولي. أن نعيد ترتيب مصالحنا وعلاقتنا بأشقائنا وأصدقائنا وسبل مواجهة أعدائنا وخصومنا.
ألا نسمح لليأس أن يتخلل حياتنا أو تسيطر علينا موجات الإحباط التي تقذف علينا من كل الاتجاهات. أن نستعد بالعمل والإنتاج، بالجد والاجتهاد، بالمثابرة.
نعطي لأنفسنا البرهة لالتقاط الأنفاس.. ننظر حولنا.. نقف على أقدام راسخة مؤمنة بمقدراتنا وحقوقنا.. نثق بقدرتنا على التوازن.. نثق بقيادتنا الوطنية الشريفة ومؤسساتنا المخلصة.. نثق بقدرتنا على النجاة. وعندما نبالي.. وقتها قد يتغير العنوان.. أو تتبدل العبارة
* عمرو درويش، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين.