سمير حنا خمورو يكتب | سيدني بواتييه .. رحيل أول أسود يفوز بالأوسكار

0
أوائل هذا العام توفي الممثل والمخرج الاستثنائي “سيدني بواتييه” عن عمر 94 عاما، في مدينة لوس أنجلوس. وهو من مواليد 20 فبراير عام 1927 ميامي – فلوريدا. مهد بواتييه الطريق أمام جيل من الممثلين السود الآخرين للظهور في السينما الاميركية. كان فنانًا موهوبًا، ويمتلك كاريزما على الشاشة، وكان مجرد وضع اسمه على ملصق الفيلم يعني نجاحا في شباك التذاكر.
السير سيدني بواتييه، أول ممثل أسود يحصل على جائزة الأوسكار لأفضل ممثل عام 1964 عن دوره في فيلم زنابق الحقول Lilies of the Field من اخراج رالف نيلسون. وهو يحتل المرتبة 22 في ترتيب أكبر الممثلين وفقًا لمعهد الفيلم الأمريكي. ومثل في عقد التسعينات فيلما عن حياة المناضل الأفريقي نيلسون مانديلا.
في سن الخامسة عشر، أرسله والده ليجرب حظه في الولايات المتحدة. كان شغوفًا بالسينما، ويقضي الكثير من وقته في مشاهدة الافلام، استطاع ان يسجل طالبًا في استوديو الممثلين Actors Studio المرموق، كان يدفع اجور الدراسة من عمله كبواب. انضم بواتييه إلى مسرح الزنوج في أمريكا الشمالية، لكنه لم يلق قبولا من المشاهدين. أمضى سيدني الأشهر الستة المقبلة مكرسًا نفسه لتحقيق النجاح المسرحي وعازمًا على صقل مهاراته في التمثيل والتخلص من لهجته الملحوظة. وأثناء محاولته المسرحية الثانية، اثار الانتباه، ومُنح دورًا رئيسيًا في مسرحية ليسستراتي من إنتاج مسرح برودواي، ورغم أنها استمرت أربعة أيام فاشلة، إلا أنه تلقى بسببها دعوة إلى فيلم آنا لوكا.
في أواخر عام 1949، ترك المسرح وقبل العمل في فيلم “لا مخرج” (No Way Out) اخراج جوزيف ليو مانكيفيتش، عرض عام 1950، يروي قصة الدكتور لوثر بروكس (سيدني بواتييه) الذي تخرج للتو كطبيب ويعمل في سجن البلدة، يدعى لعلاج شقيقين قاتلين، مات أحدهما في أثناء معالجة الطبيب له، الآخر راي بيدل (ريشارد ويدمارك)، يتهم الطبيب على الفور بقتله مستخدما كلمات عنصرية. وهذا هو اول أدواره في السينما، وادى أداءه المميز الى منحه ادوارا اخرى في السينما. ومثل بعد ذلك عام 1952 في فيلمي صرخة، البلد الحبيب إخراج (Cry, the Beloved Country) إخراج زولتان كوردا بدور القس ريفيرند مسيمانكي، وفيلم كرة حمراء سريعة Red Ball Express للمخرج دي بود بوتيتشر بدور العريف أندرو روبرتسون.
بعد أن قدم أداءً مميزا في فيلم الغابة السوداء Blackboard Jungle عام 1955 السيناريو إعداد عن رواية الاميركي إيفان هانتر، إخراج ريجارد بروكس، أصبح مطلوبا من قبل شركات الانتاج السينمائي، والمخرجين. يعرض الفيلم العلاقة الصعبة بين مدرس مبتدئ وطلابه في مدرسة ثانوية مهنية. يتم تعيين ريشارد دادير، مدرس اللغة الإنجليزية الشاب (كلين فورد)، من قبل السيد وارنيك، مدير مدرسة نورث مانول الثانوية، وهي مدرسة ثانوية مهنية في حي فقير في نيويورك. ويؤدي بواتييه دور شاب أفريقي اميركي يدعى كريكوري ميلر.
أصبح بواتييه نجمًا كبيرًا بعد أن مثل بطولة فيلم المقيدين معا (The Defiant Ones) إخراج ستانلي كرامر وسيناريو لهارولد جاكوب سميث معد عن قصة نيدريك يونك، فقد جسد دور رجل اسود نوى كولين، مقيد إلى جانب رجل أبيض جون جاكسون (توني كيرتس)، تنقلب السيارة التي تحمل السجناء، ويتمكنا من الفرار، وهما اثنين من المدانين المربوطين معا بسلاسل. المشكلة أن السجين الأبيض عنصري يكره السود ولا يعرف كيف يتخلص منه. وخلال هذا الأثناء يلاحقهم البوليس والكلاب للقبض عليهم لكن رحلتهم القاسية معا بحثا عن الحرية، يدفع كل منهم الى العمل مع الآخر، وبذلك يبدد عداءهم لبعضهم البعض، وفي النهاية يصبحون أصدقاء. عرض الفيلم عام 1958، وحصل الفيلم على جائزتي في حفل توزيع جوائز الأوسكار الحادي والثلاثين للسيناريو والتصوير السينمائي، كما رشح بوانيه وكيرتس لجائزة افضل ممثل في دور رئيسي، كما فاز سيدني بواتييه بجائزة أفضل ممثل من الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون ، بالإضافة إلى جائزة الدب الفضي لأفضل ممثل في مهرجان برلين السينمائي الدولي.
ربما كان فيلم خمن من سيأتي إلى العشاء (Guess Who s Coming to Dinner) 1967 اخراج ستانلي كرامر، وسيناريو وليام روز هو افضل افلام بوتييه ، وهو مقدمة لمعالجة التميز العنصري بجراة أكبر من اي فيلم اخر حتى ذلك الوقت ومثل دور الدكتور جون برنتيس الى جانب عملاقي نجوم السينما الاميركية ، كاثارين هيبورن، بدور الام كريستينا درايتون، وسبنسر تريسي في اخر ظهور له بدور مات درايتون والدي جوانا كاثرين هوتون الشابة المتحررة.
مثل سدني بواتييه في 42 فيلم روائي طويل، اخر فيلم مثل فيه “شبح أبي” من اخراجه عام 1990. كما مثل في ثمانية افلام للتلفزيون. اخرج تسعة افلام روائية طويلة وفيلم وثائقي واحد، منها “پاك والواعظ” عام 1972، وفيلم ضجة مجنون عام 1980. حصل على جوائز عديدة، منها جائزة الدب الفضي مرتين في مهرجان برلين عام 1958، و 1963، وجائزة بافتا عام 1959 عن فيلم زنابق الحقول، وجائزة كولدن كلوب اربعة مرات، وأوسكار ثانية تكريمية عام 2002 منح لكامل حياته الفنية جاء في كلمة التكريم “بسبب أدائه غير العادي وحضوره الفريد على الشاشة، وتمثيل الصناعة السينمائية بكرامة وابداع وذكاء”. وفي عام 1997 عين بوتييه سفيرا لجزر البهاماس في اليابان. وسفيرا في اليونيسكو . حصل على وسام من رتبة فارس من بريطانيا عام 1974 تقديرا لأدائه الرائع وأخراجه لافلام ملتزمة ومواقفه ضد التميز العنصري. سيدني بواتييه هو واحد من ستة عشر شخصية اميركية تلقت في آب/أغسطس 2009، وسام الحرية الرئاسي من اول رئيس اميركي اسود، باراك أوباما، وهو أعلى جائزة مدنية أمريكية. ناضل ضد التميز العنصري ومن اجل اقرار الحقوق المدنية الأمريكية. من اين جاء لقب “بواتييه” وهو فرنسي ؟ً اجداده كانوا عبيدا عند أسرة فرنسية “شارل ليونارد بواتييه”، انتقل هذا الاقطاعي الى جزيرة “كات آيلاند”، جزر البهاماس، عند وفاته عام 1834، ورثت زوجته 86 عبداً (39 رجلاً و 47 امرأة) ، وكان جميعهم، كما جرت العادة، يحمل اسم سيدهم الراحل. من بينهم أحد أجداد سيدني بواتييه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.