د. أحمد سلطان يكتب | رمضان شهر الانتصارات
هناك أيام خالدة وتواريخ مهمة في تاريخ البشرية، لا يمكن بأي حال من الأحوال نسيانها أو تجاهلها أو أن ندع تلك التواريخ تمر امامنا مرور الكرام دون ان نتوقف عندها ونتعامل معها بعظمة تليق بها، وسيظل شهر رمضان الكريم رمزاً للانتصارات على مر التاريخ، شهرًا تحقق فيه من العديد من الانتصارات العظيمة والفتوحات الكبرى ما لم يتحقق في غيره وكأنه ارتبط بالنصر الذي وعد الله عباده، ولم يكن شهر رمضان شهرًا لممارسة العبادات فقط، بل ظل للانتصارات التي شكلت جزءًا مهما من التاريخ الإسلامي على مر العصور، وأصبحت نقاط تحول كبرى في التاريخ الإنساني، ومن بين تلك التواريخ والمحفورة بذاكرتنا وقلوبنا يأتي يوم العاشر من رمضان الذى نعيشه أيامه الآن بروحانياته والتي يفوح منها عبق التاريخ حيث تطل علينا من كل عام مناسبة ذكرى العبور العظيم عام ١٩٧٣، العبور الذى كلما استدعيناه بقلوبنا فإنه يبعث بداخلنا شعور الإحساس برد الاعتبار مع الكرامة والعزة.
انتصار العاشر من رمضان لم يكن الانتصار الوحيد الذي يرتبط في وجداننا ووجدان الامة العربية بشهر رمضان الكريم، وهناك ۹ انتصارات أخري وقعت في شهر رمضان ومنها: غزوة بدر الكبرى والتي وقعت فى السابع عشر من شهر رمضان وفى السنة الثانية للهجرة وقد أطلق عليها القرآن الكريم يوم الفرقان لذا فقد ارتبطت فى اذهان الامة الاسلامية باسم غزوة بدر الكبرى خاصة أنها كانت تمثل أولى المعارك المهمة فى التاريخ الإسلامي؛ حيث كان عدد المسلمين فيها ٣١٣ رجلاً وعدد المشركين ۹٥٠ رجلاً وفيها حدثت أول مواجهة مسلحة بين الرسول (عليه الصلاة والسلام) والمشركين وفيها انتصر المؤمنين على المشركين لتتحول هذه الغزوة لأول ملحمة عسكرية وانتصار تاريخي فى سجل وتاريخ الدولة الإسلامية التى رسم ملامحها سيدنا محمد رسول الله وقام بتشكيلها لتسود العالم فيما بعد، فتح مكة وكانت في السنة السابعة من الهجرة، موقعة القادسية كانت عام ١٥هجري بقيادة الصحابي سعد بن أبي وقاص وهي من المعارك الفاصلة بين المسلمين والفرس، فتح الأندلس لم يمر قرن على الهجرة إلا وكان الإسلام قد وصل إلى الصين شرقاً، وإلى المحيط الأطلنطي غرباً، وفي ٢۸ رمضان من عام ۹٢ هجري كانت جيوش المسلمين بقيادة طارق بن زياد وموسى بن نصير تقرع أبواب أوروبا عن طريق الأندلس، فعبر طارق بجيشه المضيق الذي عرف باسمه ليلاقي جيوش القوط ويهزمها في معركة وادي لكة والتي فتحت الباب أمام المسلمين لفتح شبه الجزيرة الأندلسية، ومعركة بلاط الشهداء أو بواتيه في رمضان عام ١١٤ هجري، وفتح عمورية في رمضان من عام ٢٢٣ هجرية، معركة الزلاقة جنوب دولة إسبانيا وكانت في عام ٤٧۹ هجري، موقعة حطين وكأن المسلمون على موعد دائم مع انتصارات شهر رمضان حيث يسجل لنا التاريخ انتصاراً اخر فى هذا الشهر الكريم وعلى وجه التحديد في يوم ٢٦ من رمضان والموافق ٢٧ من شهر نوفمبر للعام الميلادي ١١۸۸ وهي الموقعة الشهيرة موقعة حطين بقيادة السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي والتي استطاعت أن تنهى الوجود الصليبي فى المشرق وأسفرت عن تحرير مملكة القدس وتحرير معظم الأراضي التى احتلها الصليبيون، ومعركة عين جالوت في ٢٥ رمضان من عام ٦٥۸ هجري وإنهاء الزحف المغولي.
خلاصة القول، بالاحتفال بذكرى العاشر من رمضان فإننا نعيش أجواء رمضانية خاصة تنصهر فى بوتقة الانتصارات العظيمة لتصنع للأجيال القادمة تاريخًا مشرفاً سيظل مصدر اعتزاز وفخر لنا.