إيرينى سعيد تكتب | كيف تٌصاغ الدبلوماسيات؟

0

ولما كانت الدبلوماسية هى الأسلوب أو الآلية، التى تسعى من خلالها الدولة إلى تحقيق وإدارة سياستها الخارجية، والسعى من أجل دعم التعاون وتنسيق العلاقات بين الدول وجوارها، ذلك فى ظل الأوضاع الإقليمية والدولية المتشابكة، بالتالى فإن هذه الدبلوماسية وسياستها الخارجية، لا بد لها من مبادئ ثابتة بل ومرتكزات، من شأنها صياغة هذه الدبلوماسية وتشكيلها، على نحو فعال يضمن وبشكل جدى تحقيق أهداف هذه الدولة الوطنية مع أكبر قدر من المصالح، والأهم مراعاة سيادة الدول المجاورة، تحت مظلة أخلاقية وقيمية، وربما تختلف الدبلوماسية وآلياتها باختلاف الدول والظروف الإقليمية والدولية والعالمية أيضا.
وهنا نستوضح تبعية العلاقة بين السياسة الخارجية من جانب، والدبلوماسية من جانب آخر، فقد تسهم الدبلوماسية فى صياغة السياسة الخارجية، بالمقابل فإن السياسة الخارجية قد تنتقي دبلوماسية ما، للتعامل من خلالها فى تناول شؤؤنها الخارجية والدولية وإدارتها.
ويمكن القول أن السياسات الداخلية للدول، تعد لاعبا رئيسيا فى صياغة ورسم سياستها الخارجية، إلى جانب ما تحويه هذه السياسات الداخلية من صناع قرارات وسلطات تنفيذية والأهم رأى عام مؤثر، جميعها ضالعة فى تشكيل القرار الخارجى، والمنظم للعلاقات بين الدول وبعضها.
أضف أيضا أيدلوجية ومنهجية النظم الحاكمة، من أبرز العوامل المؤثرة فى تشكيل السياسة الخارجية ودبلوماسيتها، أضف إلى ذلك طبيعة هذه الأنظمة وشرعيتها، بالتالى أيضا ما يحكمها من قيم ومبادئ .
وبشكل عام فإن أى خارجية ترتكز على عدة محاور، أبرزها طبيعة النظام العالمى السائد، سواء كان أحادى القطبية أو ثنائى القطبية، ومن ثم تقرر هذه الخارجية ودبلوماسيتها التبعية أو الخضوع، أو حتى الانعزال، أو تكوين التحالفات، أضف أيضا المتطلبات الداخلية للدولة، تأتى ضمن أبرز ما ترتكز عليها دبلوماسيتها، فمستهدفات الدولة ورغباتها تعد مرتكزا رئيسيا لسياستها الخارجية، والأهم من بين هذه المرتكزات، يأتى الأمن القومى للدولة، ليحدد آليات وأساليب سياستها الخارجية.
وعن خارجية مصر تحديدا.. فتحتفل _ هذه الأيام_ بمرور مائة عام على استقلاليتها وانفرادها بالقرار، تمكنت خلالها من التأكيد على مبادئها الراسخة ، لا سيما كيفية إدارة مصالح البلاد وحفظها ، مع تحقيق أهدافها الخارجية، والأهم إبراز ريادتها على المستويين الإقليمي والدولى، فى ظل أقسى المواقف الدولية وأكثرها تعقيدا، لا زالت الدبلوماسية المصرية متفردة وقادرة على إظهار وجه مصر القوى.

ولعل المنطلقات التى جاءت منها الخارجية المصرية أو حتى مرتكزاتها، كانت كفيلة بحفظ استمراريتها، وإرغام الجميع على احترام توجهاتها وقناعاتها، رغم صعوبة المواقف والقضايا، وتداخل المصالح والأهداف، والحقيقة أن دور الخارجية اختلفت قوته وتأثيرها، باختلاف الحقب الزمنية المتتالية.

فخلال حقب بعينها سجلت الخارجية تاثيرا واضحا، تجلى فى حالة التوازن التى سعت الدبلوماسية المصرية من أجل تحقيقها ما بين تحقيق المصالح والأهداف وحفظ الأمن القومى المصرى، وبما لا يتعارض مع احترام سيادة ومبادئ الدول الحليفة، ولعل الأساس فى توجه أى سياسة خارجية_ كما تمت الإشارة_ هو التركيبة الداخلية لنظام الحكم ومدى تواصله وتفاهمه مع الخارجية وقادتها.
نعود للمنطلقات التى جاءت منها الخارجية المصرية، والتى أوضحها الوزير سامح شكرى على نحو تفصيلى، وخلال مقاله الذى دونه بجريدة الدبلوماسي، بمناسبة مئوية الخارجية، وتمثلت فى الاستقلالية والمبادئ إلى جانب الأسس الواضحة والتى تهدف إلى الدفاع عن حقوق شعب مصر، مع مساندة الشعوب الأفريقية والعربية بل والإنسانية جمعاء، مشيرا إلى مصداقية مصر وريادتها.

وعن اهتمامات الخارجية المصرية، أوضح شكرى أن الدائرة العربية أحد أهم محاور السياسة الخارجية المصرية، وما تقتضيه من الدفاع عن حقوق شعوبها واستقلال قرارها السياسي، كما نوه إلى تنوع محاور السياسة الخارجية المصرية، فمثلما دعمت العلاقات مع العرب وأفريقيا، نوعتها أسيويا وأمريكيا، وأيضا أوروبيا، مؤكدا على التفاعل الدبلوماسي المصرى إقليميا ودوليا، من أجل مصالح مصر الإستراتيجية وثوابتها الوطنية.

مؤكدا على نجاح الدبلوماسية المصرية فى الحصول على الدعم الدولى من أجل استضافة الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف فى إتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ cop27، ليختتم مشيدا بدبلوماسيي مصر، لما لهم من باع فى العمل والفكر الدبلوماسي موضحا أن احتفالية المئوية لا تستقيم إلا بالإشادة بهولاء، موجها الشكر والعرفان أيضا لشهداء الدبلوماسية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.