إبراهيم العجمي يكتب | يبقي الأمل
الفارق في فرص النجاة بين شخصين أسفل الأنقاض بعد زلزال مدمر، هو الأمل.. الأمل في النجاة وأن المنقذ قادم هو من يجعل أنسان بلا طعام أو شراب ويعاني جسدة من الكدمات والكسور المتفرقة صامد ويقاوم.
الأمل هو من يجعل الجنود على الجبهة متماسكين مترابطين تحت القصف املاً في نصر من عند الله قريب. الأمل هو من يجعل فريق مهزوم يستمر بنفس الحماس حتى نهاية آخر ثانية من الوقت بدل الضائع وانطلاق صافرة النهاية.
الأمل هو من يجعل طلاب يواصلون الليل بالنهار من أجل تحقيق احلامهم في دراسة شغفهم أو العمل في مجال أحلامهم. الأمل هو من يجعل الملايين من المواطنين تخرج من منازلها حتى تصل مقار اللجان الانتخابية للتصويت مع كل أستحقاق دستوري.
الأمل يصنع المعجزات، وهذا ليس مجرد شعار أجوفًا متوارثًا يرددة جيل بعد جيل، الأمل هو من ينعكس بوضوح في تجربة من خمسينات القرن الماضي حيث أقام عالم الوراثة وعالم نفس الأمريكي “كيرت ريتشارد” تجربة على مجموعة من الفئران، حيث تم إحضار مجموعة من الفئران ووضع كل منها في إناء زجاجي كبير ممتلئ لمنتصفه بالماء، الإناء زجاجي وكبير حتى لا يستطيع الفأر التعلق بمخالبه أو القفز خارج الإناء.
ريتشر كان يحسب الوقت الذي سيستمر فيه كل فأر في السباحة ومحاولة الخروج قبل الاستسلام للغرق. طبعًا كان هناك اختلاف بين كل فأر وأخر لكن في المتوسط كان الفأر يحاول لمدة 15 دقيقة تقريبًا ثم يستسلم للغرق.
قام ريتشر بإعادة التجربة لكن مع بعض التغيير؛ كان عندما يرى الفأر في لحظاته الأخيرة وأنه على وشك الإستسلام كان يقوم بإخراجه من الإناء وتجفيفه ويتركه يستريح لبعض الوقت. ثم يضعه مرة أخرى في الإناء!
فعل ذلك مع كل الفئران ثم أخذ يحسب متوسط الوقت في المرة الثانية للفئران.. أكثر من 60 ساعة!! نعم، ساعة وليس دقيقة! هناك فأر استمر لمدة 81 ساعة تقريبًا.
تحليل هذة التجربة هي أن الفئران في المحاولة الأولى فقدت الأمل بسرعة بعد أن تأكدت أنه لا سبيل للخروج، في حين في المرة الثانية كان لديهم خبرة سابقة بأنه هناك أمل وأنه في أي لحظة قد تمتد لهم يد العون لتنقذهم لذا استمروا أكثر في انتظار تحسن الظروف.
أن يستمر الأمل في أي مجتمع هو مسؤولية جميع الجهات الفاعلة في ذلك المجتمع ومن وجهه نظري في التجربة المصرية تكمن مسؤوليتنا جميعاً في الحفاظ على هذا الضوء الذي يجعلنا نبذل ما في وسعنا من طاقة.
أكتب اليوم عن الأمل بالتزامن مع تجديد الأمل لدي شريحة كبيرة من تيار القوي المدنية مع دعوة الرئيس للحوار الوطني، الذي نتمني بصدق أن يكون حوار بناء ينهي حالة الجفاء في السنوات السابقة ويعيد الحياة مرة آخري للمشاركة السياسية في مصر، والتي يعول عليها الكثير أن تكون بداية الأمل لمستقبل مصر يشارك فيه الجميع ويسع للجميع.
من المؤكد أن كل القوي السياسية بمصر باختلاف توجهاتها وكذلك كل مؤسسات الدولة لديها رغبة في مستقبل يستحقه مصر والمصريين.
* إبراهيم العجمي، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين.