مصطفى مسلم يكتب | والدي وأصعب لحظات حياتي

0

منذ أيام قليلة مرت الذكرى الأولى لوفاة والدي رحمة الله عليه وطيب ثراه تلك الأيام من العام الماضي هي الأصعب في حياتي على الإطلاق فقدت خلالها رجلين من أعز الناس في حياتي هما والدي ووالد زوجتي الذي توفى بشكل مفاجئ قبل وفاة والدي بخمسة أيام.
أيام صعبة قضيتها بجانب والدي في لحظات صراعه مع المرض أكثر ما يؤلم الإنسان أن يكون لديه شخص عزيز يتألم ولايستطيع أن يساعده على التخلص من تلك الألم وهو ما كنت أعيشه مع والدي طوال فترة مرضه الشديدة التي سبقت وفاته بحوالي ثلاثة شهور حيث تدهورت حالته الصحية وأصبحنا نتنقل بين المستشفيات في محاولة فقط ليعيش والدي ما تبقى من عمره دون ألم أو بشكل جيد، لحظات صعبة عيشتها عندما كنت أرافق والدي في المستشفى ويتألم رغم تناول أقوى المسكنات ولكن الألم كان أقوى كثيرا من مفعوله، كنا نحاول أنا وإخوتي دائما أن نخفف على والدي ونشعره بأنها فترة ستمر ومعها كل ألم ونخطط معه للمستقبل وللخروج من المستشفى، ولكنه كان يعلم أنها الأيام
الأخيرة في حياته، يوصينا أنا وإخوتي ببعضنا البعض ويوزع مهام كل واحد في تأدية الواجب من بعده.
لحظات ألم كثيرة وصعبة عشتها خلال تلك الفترة أصعبها عندما عدت إلى المنزل ذات يوم بعد خروج والدي من المستشفى وتجهيز غرفته وكأنه غرفة بإحدى المستشفيات لأسمع صوت صدر والدي خلال قيامي بفتح باب الشقة لحظات رعب، بالمصادفة أخى الأكبر كان ينام في شقة بالدور العلوي لأقوم بإيقاظه وأسابق الزمن لإحضار أنبوبة أكسجين في محاولة مستميتة لإنقاذ والدي، لم أكن أتخيل في أي وقت أني أستطيع في الانتقال من منزل والدي بحدائق القبة إلى صيدلية العزبي أمام كلية البنات بمصر الجديدة والعودة مرة ثانية في ١٢ دقيقة ولا أعلم حتى الأن كيف قمت بذلك.
ومن بعدها انتقل والدي مرة أخرى إلى العناية المركزة ليقضي أخر أيام حياته بالمستشفى، ولكن في هذا الوقت الذي يرقد فيه والدي بالعناية المركز استقبل تليفون يبلغني بأن والد زوجتي قد فارق الحياة وهو يصلي العصر، ورغم فجاعة الموقف والإشارات التي يرسلها المولى عز وجل بحسن الخاتمة لأنه رجل لم يكن أبدا يغضب من أحد مهما حصل ولا يحاول أن يغضب أحد إلا أن المصاب والفجأة كانتا كبيرتان جدا وكأن القدر يقصد أن أعيش أصعب أيام حياتي تلك الفترة ففي الوقت الذي يعيش والدي بالمستشفى بين الحياة والموت أتلقى خبرة وفاة الحاج عماد دون أي مقدمات لأعيش واحدة من أصعب لحظات حياتي حين وقفت أمام والدي في العناية المركزة لأول مرة بعد دفن حمايا بيوم وغير قادر على أن أقول له عن سبب غيابي عنه تلك اليوم، رحم الله الرجلين وأدخلهما فسيح جناته وأعاننا وصبرنا على الفراق.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.