زكي القاضي يكتب | 23 يوليو و 30 يونيو.. روح واحدة

0

ما بين ثورتي 23 يوليو و 30 يونيو عشرات الصفات المشتركة التي يمكننا أن نرصدها بشكل مبسط بدون حتي أن نتعمق في القراءة عن الثورتين، فكلاهما يمثلان مرحلة انتقالية عظيمة في تاريخ الشعب المصري، حيث يمكننا أن نري مصر مختلفة قبل تاريخ الثورة وبعدها، لذلك كانت الثورتان فارقتان في حياة الشعب المصري عموما، وبما إننا نحن نحتفل حاليا بثورة 23 يوليو علينا أن نتذكر بأنها الثورة التي أسست لفكرة حكم الشعب المصري وطبقاته الكادحة، والتي جاءت معظم أهدافها متوافقة مع رؤية ومطالب الشعب المصري، عبر الاهتمام بعملية التصنيع و الزراعة و استقلال القرار، وهي نفس التحركات التي قامت بها ثورة 30 يونيو أيضا، حتي لو تأخرت مسارات في العمل، لكنها تظل أهدافا عاما وأولوية للرئيس السيسي، مثلما كانت أولوية لثورة 23 يوليو وقتها.
في ثورة 23 يوليو كانت القيادة السياسية تواصل العمل ليل نهار لتحقيق فكرة الاكتفاء الذاتي، ووضع حلول منطقية وواقعية للمشاكل التي ورثوها عن العصر الملكي، وهو ما حدث في 30 يونيو أيضا والتي ورثت تراكم ما يقرب من 30 سنة من الإهمال في كثير من القطاعات، بالإضافة لتردي الأوضاع السريع ما بين 2011 و 2013، لذلك حاولت القيادة الجديدة في وضع حلول منطقية وواقعية للمشاكل وهو الأمر الذي ساعد علي تأمين مصر بشكل كبير ضد التوابع الكبيرة التي طالت العالم في السنوات الأخيرة، وهو أيضا الذي جعل المواطن حتي بعد النكسة في مرحلة مؤمنة، بل و يساعد دولته في القفز علي ما حدث وتجهيز الجيش المصري لمعركة العبور.
مما يميز ثورتي 23 يوليو و 30 يونيو أيضا، هي فكرة استقلال القرار، فلو أننا تتبعنا الخطوات التي قامت بها كلا الدولتين لتوصلنا إلي النتيجة الحتمية بأن هناك استقلالا في القرار المصري، وذلك الاستقلال جاء تماشيا مع التوافق الشعبي حول القضايا الوطنية في الإقليم، فلا يعقل ألا يتفق الجميع علي دعم الجيوش الوطنية والمؤسسات الرسمية، وهو ما حدث في ثورتي 23 يوليو و 30 يونيو، وذلك كانت فكرة استقلال القرار من الأمور التي أخذت أولوية قصوي لدي كل المرحلتين، ومرتبط بذلك فكرة بناء وتقوية الجيش المصري، وفي كلا الثورتين قامت الدولة بتقوية الجيش المصري و تنويع مصادر تسليحه.
أوجه التشابه بين ثورتي 30 يونيو و 23 يوليو كثيرة للغاية، لكن يمكن أن نلاحظ أيضا ما قامت به كلا الثورتين في عملية توزيع أراضي علي الفلاحين، وإن اتخذت شكلا بعينه في الخمسينات، إلا أن الدولة حاليا تقوم بتوزيع أراضي علي المواطنين بأشكال أكثر انضباطا، بل وتسحب الأراضي من غير الجادين في استصلاحها أو بنائها إذا كانت مخصصة للاستثمار والبناء، بالإضافة إلي كل ما سبق فإن التقارب الكبير بين أهداف الثورتين جعل المصريون في الحالتين يلتفون حولها وحول قادتها، وهو الأمر الذي يتضح في عملية التوافق حول شخصية الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، و أيضا التوافق الذي تم مع الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.