عواطف عبد الرحمان تكتب | لماذا يغيب الأدب العربي عن جائزة نوبل؟ (1)

0

يغيب الأدب العربي رواية وشعرا كلّ سنة عن جوائز نوبل ولئن كان فوز الاديب المصري نجيب محفوظ بالجائزة في مثل هذا الشهر من عام 1988 استثناء يتيما فإن غياب الادب العربي شبيه بغياب الامة العربية في الفيزياء والكيمياء والطب والفلك وسائر النشاطات العلمية بحثا واكتشافا واختراعا. طرحنا السؤال على بعض من أهم أدبائنا العرب من المشرق والمغرب، وطبعا من تونس عن أسباب هذا الغياب وعمّا إذا كان نتيجة عيب في الجائزة بسبب تسييسها أم أن “العَيْبُ” فينا؟

“نعيب الزمان والعيب فينا، ما للزمان عيب سوانا”. هل هو عيب الأدب العربي وضعفه وعدم قدرة أصحابه على ترجمته ونشره وترويجه، أم عيب الجائزة “المسيّسة” التي ينطلق مسندوها من وعي لازال قائما بالمركزية الأوروبية وتفوّق آداب وفنون “الرجل الأبيض” فيحتفوا بأدب الشعوب الأوروبية والأمريكية مع استثناءات نادرة لأدب مغاير ومختلف. سألنا بعضا من كتّابنا من ليبيا وسوريا والبحرين والعراق والأردن والإمارات وتونس فكانت الحجج خليطا من العَيْبَيْن.
يقول الكاتب والروائي التونسي شكري المبخوت الحائز على جائزة البوكر عام 2015 “لدينا، نحن العرب، شعور رهيب بالضيم وقلّة اعتراف الآخر بنا لذلك نتساءل بمناسبة إسناد جائزة نوبل للأدب السؤال نفسه: “لماذا يغيب الأدب العربيّ عن جائزة نوبل للأدب؟ والمفارقة أنّنا لا نسأل إلاّ عن نوبل الأدب دون غيرها.” مضيفا “فلنبق إذن في الأدب فقط. سنجد الجواب او على الأقلّ وجهه الأساسيّ حين نجيب عن أسئلة بسيطة من قبيل كم ينتج العرب مجتمعين من كتاب في الشعر والرواية والقصّة والمسرح سنويّا؟ ما نسبة هذا الإنتاج من المنشور في العالم؟ ما نسبة الأعمال الجيّدة فيه وأقصد الأعمال التي تدلّ على مشروع فكريّ وجمالي متين يمثّل إضافة لهذه الفروع من الأدب؟ كم يترجم منها سنويّا؟ وهل هي قادرة على المنافسة في سوق اللغات التي تترجم إليها؟ وما أثرها في تطوّر الآداب الأخرى؟…”.
يتابع المبخوت ” أعتقد أنّنا في أمسّ الحاجة إلى التواضع والعمل المخلص لنكون خارج قوقعتنا الضيّقة الخانقة عسى أن نشارك البشريّة بجدّ في أسئلتها. وقد ظللنا فترة طويلة نتوهّم مثلا أنّنا امّة شاعرة لا مثيل لها فتبيّن أنّ للشعر مسالك وشعريّات غير التي نعرفها وصار أغلبنا يقلّد بعضها ويتعلّم منها. أمّا الرواية والقصّة والقصيرة والمسرح فهي فنون مستحدثة عندنا مهما توهّمنا أنّها حقّقت من التراكم ما يسمح لها بالإضافة إلى الأدب الكونيّ بأسئلته الإنسانيّة العميقة وفنّيّاته المتجدّدة على نحو مذهل” قائلا “ننسى دوما أنّ الثقافة العربيّة بعمقها التاريخيّ متأزّمة منذ قرن ولم تعد رائدة وتنافسها ثقافات قديمة أخرى عرفت كيف تصوغ حداثتها وتتجاوز عقد الهوّيّة المنغلقة مثل الثقافات الصينيّة والهنديّة واليابانيّة والروسيّة وثقافات الشعوب التركيّة (ليست تركيا اليوم فحسب) والأمريكيّة اللاّتينيّة إضافة طبعا إلى الثقافة الغربيّة بروافدها المتعدّدة. ننسى أيضا أنّ الإبداع ليس في الأدب فحسب وإنّما منظومة حضاريّة شاملة فيها العلوم والفنون والأنواع الأدبيّة المختلفة أيضا”.
“يوم يصبح المرشّحون العرب لنوبل في العلوم كثيرين ستأتي جوائز الأدب وسنختصم في كبار كتابنا ومن أولى بها منهم ونخاصم الآخرين فلا انفصال بين أصناف جوائز نوبل ولا امتياز للأدب عن غيره من وجوه الإبداع.
وختم المبخوت قائلا “لذلك أعتقد أنّ السؤال الذي علينا أن نطرحه في ما بيننا نحن العرب ونجيب عنه بكلّ تواضع وبواقعيّة هو: هل لدينا ما نقدم للعالم فنؤثّر فيه ونعبّر به عن مشاركتنا في المصير الإنسانيّ؟ يومها يحقّ لنا ان نتهم نوبل بالمركزيّة الغربيّة أو ان نسأل عن نصيبنا من الاعتراف العالمي بأدبنا”.
ومن جهته قال الكاتب البحريني د. حسن مدن ” الأدب العربي ليس وحده من يغيب عن جائزة نوبل وانما يغيب عنها الأدب الصيني والأدب الهندي والأدب الفارسي. ويغيب عنها أيضًا الأدب في أفريقيا وفي أمريكا اللاتينية، وغيرها من آداب العالم الواقع خارج دائرة الغرب الأوروبي والأمريكي” قائلا “لا ينفي ذلك أن الجائزة ذهبت في حالات نادرة لأدباء يمثلون بعض الآداب التي ذكرت، ومن هذه الحالات النادرة نيل الاديب نجيب محفوظ الجائزة. لكن يبقى أن هوى الجائزة غربي بالدرجة الأولى، وهذا ما هو جدير بتسليط الضوء عليه، وطرح موضوع القسمة بين الشرق والغرب في الأدب، كما في مجالات أخرى”.
وتابع مَدن “طالما أن السؤال يدور عن الأدب العربي، فعلينا الاعتراف بتقصيرنا كعرب في تقديم أدبنا وثقافتنا للآخر عامة، وليس لجائزة نوبل وحدها. نحن اليوم أمة مأزومة في أكثر من مجال، وهذه الحال تنعكس على كل شيء بما في ذلك على الثقافة، ورغم ذلك، فإننا ننتج أدبًا وثقافة مميزين، لكن انتاجنا لا يصل إلى الآخر، بل أن خريطة التبادل الثقافي داخل العالم العربي نفسها تعاني من خلل، فما ينتج في الخليج العربي مثلًا من ادب، لا يصل للمغرب العربي وقد يكون العكس صحيح أيضا” معتبرا ان “مهمة القائمين على الشأن الثقافي تكمن في وضع خريطة طريق تعيد ترتيب الأولويات، لعلّ ذلك يمهد إلى خروجنا من الدائرة المعتمة في خريطة الأدب العالمي”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.