أحمد حمادي يكتب | البنية العليا بناء الإنسان المصري
إن أهم ما يمكن استثماره حاليًا في الدولة المصرية هو الإنسان المصري، فبعد أن تحققت إنجازات الدولة المصرية من مشاريع قومية في البنية التحتية لابد ان يكون بناء الإنسان
هو التوجه القومي للدولة المصرية لخلق جيل وطني واعي يستطيع ان يكون الحصن المنيع
في مواجهة كافة التحديات القومية، لذا من الضروري البحث عن مبادئ صناعة ذلك الانسان إذ أن الدولة القوية تبني بسواعد أبنائها الأقوياء.
فمكتسبات الحوار الوطني تتحقق في شعور المواطن المصري بمدي أهميته ونظرة الدولة المعنية به في كافة أموره (تعليم – صحة – ثقافه -…إلخ)، فالإهتمام بالإنسان المصري يزيد من إنتمائه وإخلاصه للوطن، لكنها لا تبنى بجهل مجتمع لا طموح له ولا علم ولا معرفة، ومن هنا نرى بأن بناء الانسان لا ينتهي وقته بل مستمر منذ ولادته إلى أن يتوفاه الله، لكونه جزء من هذا الوطن وبعلمه ومعرفته وبناء شخصيته تتحقق المصلحة الوطنية وتصل الدول إلى مراتب عالية في النمو والتطور.
بناء الجمهورية الجديدة لن يكتمل إلا ببناء الإنسان المصري الذي سيكون احد اركان هذه الجمهورية الجديدة فمن ينظر إلى التاريخ أيضًا سيعلم مدى أهمية بناء الإنسان في حياة الشعوب التي دُمرت بسبب الحروب وأمثلتها كثيرة، فنرى تلك الدول نهضت وتطورت ليس بثرواتها المادية بل بإعادة بناء ذلك الإنسان الذي ساهم في تطوير وطنه، فالشباب في الجمهورية الجديدة تحتاج خمس إصلاحات ( إصلاح منظومة التعليم، إصلاح المؤسسات الدينية، إصلاح الإعلام بجميع أنواعه ووسائله وخاصة الإلكتروني، إصلاح الفنون المتنوعة، إصلاح النظام التوظيفي).
فتطوير الإنسان المصري هو افضل مشروع قومي للدولة المصرية ويتحقق ذلك من خلال توسيع دائرة الشباب وتعميم إستراتيجية (بناء الإنسان) التي تم الموافقه عليها من قبل في كل محافظات مصر، فلابد ان يكون في كل محافظة مؤسسه تعد فرع من الأكاديمية الوطنية للتدريب مهمتها تدريب أكبر شريحه من الشباب في الأقاليم، فعلى الرغم من أهمية تطور البنية التحتية وحداثتها، لكنها ليست المعيار الوحيد والحقيقي الذي يدلُّ على تقدم ورقي شعب ما، إذ إن الإنسان هو المحور الجوهري في عملية بناء وتحديث المجتمع، ورقيّه وتقدمه، وبذلك فبناء الإنسان أهم بكثير من أي أمور أخرى.
حيث إن دور المواطن المصري ذو الوعي والفكر هو الحفاظ علي ما تم تحقيقه من إنجازات علي كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية وفي كافة المجالات (سياسيًا – اقتصاديًا- عسكريًا- اجتماعيًا- …إلخ)، ويتحقق بناء الانسان في بناء شخصيته وتربيته التربية الصحيحة المبنية على القيم والأخلاق وتزويده بالمعارف والعلوم إذ أن العلم مقرون بالقيم والمسؤولية إذ هو أساس البناء للحفاظ علي هويته ووطنه.
فالإنسان هو المسؤول عن إدارة الدولة، وأفعاله المختلفة تعكس قيمًا أخلاقية ووطنية ترسم ضوابط وعلاقات أفراد المجتمع بالدولة، وطريقة تفكيره ورؤيته للعالم وللآخر من أهم عوامل الاستقرار والازدهار، واهتماماته الوطنية والإنسانية تجعله يعي قيمة ما يؤمن به من مبادئ وأهداف تسعى لخير مجتمعه والإنسانية، ، وهي تشمل دراسة شخصية الإنسان من حيث دوافعه وعواطفه وميوله واتجاهاته وسماته الخلقية، واهتماماته وآرائه ومعتقداته وعاداته وقدراته ومواهبه الخاصة ومعلوماته، وما يتخذ من أهداف ومثل وقيم اجتماعية وفلسفة في الحياة لخدمة ورفعة الوطن الغالي مصر.
إذا أردنا ان نسترشد بالتجارب الدولية في بناء الإنسان فأننا امام تجربتين أوربية وآسيوية من أهم التجارب في العالم الا وهما التجربة الألمانية والتجربة اليابانية، فاذا نظرنا إلى التجربة الألمانية نجد انها تبنت إعادة بناء الإنسان من مرحلة رياض الأطفال إلى المرحلة الجامعية، وتغيير طريقة تفكيره، ومنح الطالب الفرصة الكاملة لبناء ذاته، بالإضافة إلي تخصيص الحكومة الألمانية 35% من دخلها القومى لصالح التعليم، فنظام التعليم فى ألمانيا الذى يتجزأ إلى نصفين، 50% تعليمًا و50% بحثًا علميًا.
أما التجربة اليابانية أقرت إلزامية التعليم في المرحلة الابتدائية من 6-13 سنة للذكور والإناث على السواء، وتم تأسيس جامعة طوكيو سنة 1877م، عُدَّ حق العلم مقدسا لجميع اليابانيين على اختلاف طبقاتهم الاجتماعية، وتركزت القيم العليا في المجتمع الياباني في العمل والإنتاج، وحلت الكفاءة الشخصية وحدها بديلا للموروث الاجتماعي في التوظيف والترقي الإداري، هكذا استمد النظام التعليمي الياباني مقوماته من طبيعة مجتمعه وروح أمته وحاجياته وطنه، ولم يأت استنساخا آليا لنماذج تربوية أجنبية متغربة، إلا في التقنيات والوسائل العملية المشتركة بين جميع الأمم، حيث تم استيراد هذه الوسائل بعد تجريدها من تحيزاتها القيمية والحضارية وخلفياتها الإيديولوجية.
لتحقيق الخطي علي غرار التجربتين السابق ذكرهم فلابد من الإهتمام بالنشأ المصري من خلال غرس القيم الدينية والأخلاقية والوطنية عن طريق مراكز الشباب وإقامة معسكرات الكشافة والمرشدات بالمدارس والجوالة في الجامعات ومعسكرات الطلائع في الأحزاب واستخدام قصور الثقافة في كل أنحاء الجمهورية وإستثمارها في توعيه الشباب ورفع مستوي كفائتهم وتدريب الشباب من خلال إعداد برنامج واضح يسمي (برنامج الشاب المصري)، يحميه من الأفكار الهدامة , من خلال دورات تدريبية تختص بالأنشطة الصغيرة , وتقديم الدعم المادي وتسهيلات القروض طويله الأجل وذو فائدة مبسطة وتسمي بـ(قرض الشباب) لفتح الطريق امام الشباب لإقامات المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر.
إن تعزيز دور الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني يستهدف وصول الإنسان إلى مستوى النضج الذي يعني التهيؤ أو الاستعداد لأداء دوره الوطني وهذا التغير يشمل كافة مظاهر الشخصية الإنسانية المعبرة عن وحدة سلوكها وأسلوبها الخاص في العمل، وهي المظاهر الجسمية والعقلية المعرفية والانفعالية والاجتماعية والسياسية، فهو يتخطى الشكل الطبيعي والفطري الذي يأخذه النمو بوضع منهاج وخطة مدروسة تواكب مراحل النمو المختلفة.