د. معاذ الروبي يكتب | رهاب الخلاء
رهاب الخلاء (Agoraphobia) هو أحد اضطرابات القلق الذي يتميز بالخوف من الوقوع في أي موقف يكون فيه الهروب صعبًا أو يكون الإنقاذ غير متاح إذا ساءت الأمور. رهاب الخلاء هو رهاب معقد لا يمثل مجرد خوف من الأماكن المفتوحة كما يعتقد الكثيرون. بل يخاف الفرد من الوقوع في شرك ما، ويتجنب كل ما يثير الرعب من عدم القدرة على الهروب. يمكن أن تكون نتيجة ذلك الخوف من السفر في وسائل النقل العام مثلا، أو التواجد في مكان مغلق أو وسط حشد من الناس، أو الذهاب للتسوق أو الذهاب إلى بعض المواعيد الصحية، أو حتى مغادرة المنزل. نوبة الهلع المصاحبة التي يسببها مثل هذا الاضطراب تشمل تجربة مصحوبة بأفكار سلبية، على سبيل المثال، قد يعتقد الشخص أنه بالإضافة إلى كونه محاصراً وعالقاً بأنه أيضا سيبدو سخيفًا، لأنه سيفقد السيطرة على نفسه في الأماكن العامة. الأعراض المرافقة لهذا الاضطراب أو الخوف من حدوثها، تكون مزعجة وتؤدي إلى سلوكيات تعرقل الأمور والمهام اليومية وتجعل عيش حياة طبيعية أمرًا صعبًا.
يمكن أن يتطور رهاب الخلاء نتيجة تعرض الفرد لنوبة هلع يتبعها قلق مفرط بشأن احتمالية تكرار ذلك. في المملكة المتحدة، يصاب ثلث المصابين بنوبات الهلع برهاب الخلاء. العوامل البيولوجية والنفسية هي أحد الأسباب المحتملة. بالإضافة إلى ذلك، قد تلعب تجربة أو مشاهدة حدث صادم أو وجود مرض عقلي أو المرور بعلاقة غير سعيدة دورًا في ذلك. يمكن أن يساعد العلاج المناسب في شفاء حوالي ثلث الحالات وتخفيف الأعراض عند نصف المصابين على الأقل. دائماً يستبعد الطبيب العام في البداية الحالات الأخرى العضوية الجسدية التي قد تسبب أعراض مشابهة.
تُصنف أعراض رهاب الخلاء إلى ثلاثة أنواع: الأعراض الجسدية التي يعاني منها الشخص في الموقف المخيف؛ الأنماط السلوكية المرتبطة بالخوف؛ والأعراض المعرفية مثل الأفكار والأحاسيس التي يشعر بها الشخص عند توقع حدوث الخوف أو كيفية التعايش معه. قد يجعل هذا المزيج من الأعراض من الصعب على الشخص أن يعمل يومًا بعد يوم بإنتاجية ونجاح مثل باقي الأشخاص الطبيعيين.
-الأعراض البدنية تشمل: تسارع ضربات القلب والتنفس وألم في الصدر ودوخة ورجفة وشعور بالغثيان ومشاكل في التنفس. -الأعراض السلوكية تشمل: التخطيط المفرط لتجنب الازدحام والخطوط والمواصلات العامة، أو عدم الخروج على الإطلاق إلا مع شخص موثوق به فقط. -الأعراض الإدراكية تشمل: تنبؤات بحدوث الشماتة والاستهزاء من قبل الآخرين مع الشعور بالعار، والإفراط في التفكير في الكوارث والمشاكل المحتملة، والأفكار السوداوية عن احتمالية الوقوع في شرك ما أو حدوث إصابة، والشعور بالخروج عن السيطرة.
المعالجة تشمل العلاج النفسي الكلامي المكثف مثل العلاج السلوكي المعرفي لاستكشاف الأفكار التي تطيل من الرهاب؛ وتجارب سلوكية تقوم بتحديد الطرق الفعالة التي تنزع فتيل المعتقدات المغلوطة الراسخة لدى الشخص. أيضاً من المفيد عمل مجموعات للمساعدة الذاتية تستخدم مواد مرئية آمنة للعمل على التعرض للموقف المخيف بالتدريج حتى يتم التعود عليه ونزع الرهبة منه؛ من زاوية أخرى، يتم تعليم المريض كيفية التعامل مع نوبة الهلع عن طريق التنفس ببطء وعمق. بالإضافة لذلك، يجب إدارة نمط الحياة وجعلها أكثر صحية من خلال عمل التمارين الرياضية بشكل دوري واتباع نظام غذائي صحي.