دينا المقدم تكتب | العدالة المناخية والعنف ضد المرأة

0

هناك العديد من أشكال ومفاهيم العنف في المجتمعات
ويمكن أن يتخذ العنف من قبل شخص أو جماعة أو حتى دول ضد مجموعة من الناس كما يحدث فى ملفات التغيرات المناخية وحقوق المرأة وتعرضها للعنف كونها الطرف الأكثر تضررا من التغير المناخى
فبسبب التغير المناخي من المرجّح أن تموت النساء أكثر من الرجال فتتعرّض النساء الحوامل والمرضعات لانعدام الأمن الغذائيّ الناتج عن تغيّر المناخ كما قد تتسبّب مياه الشرب الأكثر ملوحة بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر في ولادات مبكرة ووفيّات أمهات وأطفال حديثي الولادة.
ويمكن أن يؤدي الضغط الاقتصاديّ الناجم عن الكوارث وتغيّر المناخ إلى حالات زواج أطفال وزواج مبكر وزواج بالإكراه، كاستراتيجيّة للتكيّف
كما أن المخاطر العارمة التي تهدّد الأرض والمياه والكائنات وسبل العيش تؤثّر بشكل كبير على النساء اللواتي يعملن في الأرض أو يعتمدن على النظم الإيكولوجية لإعالة أسرهنّ
فوفقًا لبيان الأمم المتحدة الصادر في اليوم العالمي للمرأة مارس 2022، فإن النساء أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ من الرجال لأنهن يُشكلن غالبية فقراء العالم، ويعتمدن بشكل أكبر على الموارد الطبيعية التي يهددها تغير المناخ أكثر من غيرها.

ان تدمير البشر للطبيعة يمكنه أن يغذي العنف ضد المرأة حول العالم
لذا اعتقد اننا بحاجة إلى تناول القضيتين معا بالتوازى
وان نضع مصطلح العدالة المناخية نصب أعيننا
اذ يُعد مصطلح العدالة المناخية مصطلح حديث ظهر في الآونة الأخيرة ضمن أولويات العمل المناخي والتنموي
فتعد العدالة المناخية مزيجًا بين حقوق الإنسان وتغير المناخ حيث تهدف في المقام الأول إلى حماية حقوق الإنسان التي قد تتأثر من التغيرات المناخية واولويات هذه الحقوق يجب ان تكون للمرأة والطفل
ولذا فإن العدالة المناخية تعد أفضل وسيلة لتحقيق توزيع عادل في الأعباء والتکاليف بين الدول المتقدمة والصناعية والدول الفقيرة الأکثر تضررًا من جراء التغيرات المناخية
والتي تعد الدول الصناعية المتسبب الأول في هذه التغيرات
فلا يوجد اتفاق دولي حتى الآن ينص على کيفية ترجمة مبدأ توزيع المنافع والأعباء المرتبطة بتغير المناخ بشکل عادل ومنصف
عن طريق خفض الانبعاث أو عن طريق التکيف معه بطريقة منصفة مما يتطلب معرفة کيف تتحقق العدالة المناخية.
ان ضرورة تعديل اتفاقيات تغير المناخ لتنص صراحة على مبدأ العدالة المناخية، وتجعله مبدأ ملزمًا لا سيما للدول الصناعية الکبرى فعل من شأنه الحد ومجابهة العنف ضد النساء والاطفال الأكثر ضعفا واحتياجا
و من الضروري أن تتحمل الدول المتقدمة عبء أکبر من الفقيرة في التصدي لتغير المناخ، وهو ما يُعرف بمبدأ المسئولية المشترکة
وعمل المزيد من الأبحاث والدراسات التي تتناول قضية العدالة المناخية من أجل إلقاء مزيد من الضوء على هذه القضية ووضع التصورات والاقتراحات من أجل تنفيذ مبدأ العدالة المناخية خاصة فيما يخص الدول الأكثر فقرا واحتياجا للأمن الغذائي والمائى
فقد يأتى بمقدمة مظاهر العنف ضد الفتيات بسبب الانعدام التام للعدالة المناخية تزويجهن بالإكراه، كما يحدث في مالاوي على سبيل المثال، إذ تقوم الأسر بتزويج بناتها القاصرات رغما عنهن للمساعدة في إعالة الأسر لما تتعرض له من خسائر اقتصادية بسبب الكوارث المناخية التى تسببت بها الدول الصناعية الكبرى كما تقوم الأسر ببيع الفتيات في إثيوبيا وجنوب السودان لتزويجهن خلال فترات الجفاف الشديد في مقابل الحصول على مواشي.ارتفاع معدلات تزويج الفتيات بالإكراه في أوقات الأزمات بكونه “استراتيجية للنجاة عن طريق التخلص من الفتاة لتخفيف الضغط من على عاتق الأسرة أو كمصدر وحيد الدخل وهذا سببه العنف المائى الممارس من قبل بعض الدول بإستخدام سلاح السدود الغير قانونية.
وفي عدد من دول أفريقيا الساحلية التي بدأت تعاني من ندرة الأسماك يعرض بعض صيادي السمك بضاعتهم مقابل إقامة علاقات جنسية كثمن للحصول على الأسماك، وهو ما أصبح ممارسة شائعة بغرب كينيا تحت اسم “نظام جابويا
وربما لا يعلم البعض أن الجفاف والتصحر بدول جنوب الكرة الأرضية يؤدي بدوره إلى زيادة تعرض النساء والفتيات للاعتداء الجنسي. فندرة مصادر المياه تدفع النساء، اللاتي يتحملن عادة مسؤولية إحضار المياه للأسرة، للسير لمسافات طويلة بما يعرضهن للاعتداء، وخاصة في المناطق التي يوجد بها عصابات مسلحة
أ
فيؤدي تغير المناخ وانعدام العدالة المناخية إلى زيادة التعرض للعنف القائم على النوع الاجتماعي، ويعود ذلك إلى أنه في مختلف أنحاء العالم تتحمل النساء مسؤولية غير متكافئة عن تأمين الغذاء والماء والوقود، وهي مهام تُصبح أكثر صعوبة واستهلاكًا للوقت مع تغير المناخ. وقد تؤدي ندرة الموارد وضرورة السفر لمسافات أبعد للحصول عليها إلى تعريض النساء لمزيد من العنف، بما في ذلك عوامل الخطر المتزايدة المرتبطة بالاتجار بالبشر، أو زواج الأطفال، أو وصولهن إلى الموارد اللازمة لحمايتهن من العنف القائم على النوع الاجتماعي
وبناء على ما سبق ذكره على الدول الصناعية الكبرى وضع تعهدات ملزمة للبدء فى ترسيخ مفاهيم العدالة المناخية واستيعاب ما قد يواجه النساء من عنف بسبب الممارسات المناخية الخاطئة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.