أكرم هواس يكتب | مصر ومؤتمر المناخ
منذ مؤتمر الارض Earth Summit في ريو دي جانيرو Rio de Janeiro سنة 1992 الى المؤتمر الحالي في شرم الشيخ عقدت سلسلة طويلة من مؤتمرات المناخ في ظل تطورات هائلة في سرعة الانهيار و الفشل في الحفاظ على مستوى مستقر للبقاء على امكانيات ديمومة الحياة على الارض…
في ريو دي جانيرو كان الهدف الاساسي هو بناء قاعدة واسعة لمفهوم و تطبيقات التنمية المستدامة بحيث انها تشمل كل دول العالم … في مؤتمر شرم الشيخ يبدو ان اقصى الطموح تكمن في تأخير الانهيار التام و زوال الحياة .. لسان حال امين الامم المتحدة ..Antonio Guterres: “We are on a highway to climate hell with our foot still on the accelerator “
بين ذاك و هذا هناك محاولات لصنع ما يسمى ب “الطاقة الخضراء” حيث تنشط مصر و السعودية (كل التمنيات) و كذلك تحاول الدول الصناعية الكبرى التحول الى الاعتماد على الطاقة الكهربائية في تشغيل الاجهزة الصناعية و السيارات و كذلك البحث عن ايجاد مصادر اخرى للطاقة منها الوقود البيولوجي و صنع بطاريات مستدامة و هكذا… و لكن هناك نقطتين يتم التغاظي عنهما و هما:
اولا.. التناقص المتسارع للموارد في الارض و هذه النقطة كانت احدى اهم اسس نظرية التنمية الاخرى و بالتالي برنامج التنمية المستدامة… الموارد في الارض تقل بشكلٍ رهيب و مع التقدم التكنولوجي و انضمام العديد من الدول النامية سابقا الى منظومة الدول الصناعية فان التسارع في استهلاك الموارد وصل الى حدود رهيبة و لعل فكرة العودة الى الاوبئة و الحروب هي احدى المخارج.
ثانيا.. ان هناك تشويش غير مبرر للعلاقة العضوية بين ثلاثة عناصر في معادلة انتاج الطاقة و استخدامها و النتائج المترتبة على الاستخدام .. اي ان الفترة الاستعمارية و الثورة الصناعية انتجت الكارثة البيئية.. و على هذا الاساس فانه ليس هناك من ضمانة عن التاثيرات المستقبلية في انتاج و استخدام اي مصادر جديدة للطاقة … مثال ذلك ان هناك الان دراسات اوروبية تؤكد ان الافراط في استخدام الكهرباء … بغض النظر عن مصدر الانتاج سواء من المتجات البترولية او الطاقة النووية او الفحم او.. او.. الخ… يؤدي الى تسخين الهواء بشكل كبير و بالتالي يؤدي الى ذات التاثير السلبي في البيئة… لكن لا احد يتحدث عن هذه الدراسات بشكل جدي … ما تعمله الحكومات الاوروبية هو انها زادت من اسعار الكهرباء بهدف التقليل من الاستخدام لكن هذه الحكومات اعتمدت بالمقابل التحول الى استخدام الكهرباء في تشغيل الاجهزة الصناعية و السيارات (كما ذاكرنا اعلاه)..
لكن اللعبة الاكبر التي تحاول الدول الصناعية الكلاسيكية (الغرب بالاضافة الى روسيا واليابان و كوريا الجنوبية )تمريرها هي محاولة القاء اللوم في الكارثة البيئية على الدول الصناعية الحديثة مثل الصين و الهند و ربما جنوب افريقيا و غيرها و الطلب منها تعويض الدول النامية عن الاضرار البيئية…
صحيح ان هذه الدول تساهم بشكل رهيب في انتاج الكارثة البيئية لكن السؤال هل يمكن لاي تعويض مادي (تمويل مشاريع .. الخ) ان يعيد حالة الارض الى ما قبل خوائها من الموارد ؟.. كيف يمكن اعادة بناء من استهلكتها الدول الصناعية من موارد كانت تشكل معادلة التوزان في الارض و محيطها بما في ذلك زيادة درجات الحرارة و التصحر و المجاعة و الفيضانات و الهجرات القسرية و غيرها ..؟؟..
الرئيس ماكرون قال في خطابه في شرم الشيخ ان الدول الغربية قد دفعت تعويضاتها الى الدول الفقيرة و المتضررة و الان جاء دور الصين و الهند .. دعنا نتذكر الضريبة التي تم فرضها على الدول المنتجة للنفط …(معادلة منطقية )..؟؟.!!.. لكن هل هي محاولة لخلق توازن جديد في العلاقات الدولية .. ام انها محاولة التهرب من المسؤلية التاريخية لارث الاستعمار.
ثم ترى هل فكرت الدول المنتجة للسلاح ان تفرض على نفسها ضرائب مقابل الحروب التي تشتعل هنا و هناك في العالم بفعل استخدام تلك الاسلحة..؟؟