الطاهر المعز يكتب | الكرة الذهبية للشعب

0

حين أُعلن فوز كريم مصطفى بنزيمة (35 عاما)، ابن الجيل الثالث من المهاجرين الجزائريين في فرنسا (منطقة ليون) بجائزة الكرة الذهبية للعام 2022، وهي جائزة تُتَوِّجُ أفضل لاعب كرة قدم في أوروبا، من قِبَلِ لجنة تحكيم دولية، وأعلن الفائز إنها “الكرة الذهبية الشعبية”، شكّل فوز كريم بنزيمة ثأرًا هادئًا، في مجال الرياضة، ضد كل من حاول (في فرنسا) عرقلة مسيرته الرياضية، فهو لاعب مُحترف منذ بلوغه سن السابعة عشر، وأصبح هدفًا للعنصرية الهيكلية والمؤسسية في فرنسا التي تستهدف أبناء المهاجرين، عنصرية واضحة وصريحة، صادرة عن الأوساط السياسية من اليمين المتطرف إلى رئيس الوزراء السابق مانويل فالس، وعن الأوساط الرياضية، ووسائل الإعلام التي أثرت (بطريقة سلبية) على الرأي العام، وهذا ما يفسر سبب الاحتفال بهذا الحدث بشكل خاص داخل فريق ريال مدريد، حيث يلعب بنزيمة منذ 2009، وبين أبناء وأحفاد المهاجرين العرب والأفارقة في فرنسا الذين تبنّوا وصف الجائزة ب”الكرة الذهبية الشعبية”، ما يضيف لها مغزى سياسي، فضلاً عن الجانب الرياضي.
على الصعيد الرياضي ، توج اللاعب كريم بنزيمة مع ناديه (ريال مدريد) بدوري أبطال أوروبا أربع مرات، منها ثلاث مرات متتالية، وهو حدث فريد في تاريخ المسابقة، وحصل على جائزة أحسن هَدّاف في مسابقتين رئيسيتين، وهو ثاني أكبر هداف في تاريخ كرة القدم، بعد رونالدو، لكنه مَنْبُوذ في منتخب فرنسا من قبل وسائل الإعلام والإتحاد الفرنسي لكرة القدم، ومن ثم من قبل قسم هام من الجمهور، حيث تعرض لانتقادات بسبب عدم أدائه النشيد الوطني الفرنسي (لا مارسييز) ولذلك فهو مُتّهم بأنه “غير وطني”، أي غير شوفيني وغير متحمس للراية (العلم) والنشيد الفرنسيَّيْن، خاصة بعد إعلانه أن قلبه جزائري، رغم ولادته ونشوئه في فرنسا، وهو ابن مهاجرين من الجيل الثالث، لكنه ابن الطبقة العاملة، فأبواه وجدّه عُمّال مهاجرون في أسفل السلم الاجتماعي، ما يُؤكّد أن المجتمع الفرنسي ليس متناغمًا كما يَدّعي السياسيون، ولكنه مجتمع طبقي، مجتمع تهيمن عليه البرجوازية مالكة وسائل الإنتاج والمصارف ووسائل الإعلام المهيمنة والتي تُمَجِّدُ الاستعمار والإمبريالية، والتي تنشر العنصرية ذات الصّبغة الطبقية ضد العمال المهاجرين وذريتهم من اللاعبين النابغين مثل بنزيمة ونصري وبن عرفة الذين عانوا من العنصرية في ملاعب كرة القدم وخارجها، بالإضافة إلى لاعبين آخرين من أصدقاء العرب أو من المناهضين للعنصرية مثل ريبيري أو أنيلكا، وهم يتعرضون باستمرار لحملات تشويه لا علاقة لها بصفتهم رياضيين بل يكمن خطأُهم الوحيد في كونهم أبناء مهاجرين أو أصدقاء مهاجرين. ولهذا السبب أعلن بنزيمة، بعد تقديم الكأس، أنها “الكرة الذهبية للشعب”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.