أحمد غنام يكتب | ثلاث خطوات لمواجهة آثار التضخم
شاركت مستمعًا في جلسة نقاشية نظمتها تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، عبر “Clubhouse”، بعنوان: “كيف نواجه آثار التضخم العالمي على مصر”.
واستكمالا لما قدمه النواب الأفاضل من أطروحات، سواء في تحليلهم لموقف التضخم الراهن، أو حلول دعوا لتطبيقها للخروج من تلك الأزمة، أقدم لكم عبر موقع “مقالات التنسيقية” وجهة نظري، بصفتي محرر اقتصاد قبل أن أكون مديرا للتحرير بمؤسسة الدستور.
عاد التضخم لمصر بسرعة مهولة، بعد محاولات حثيثة للسيطرة عليه إبان فترة جائحة كورونا، ومع الوقت وتفاحل الأزمات الدولية، أصبح أكثر عنادا وقدرة على الاستمرارية، رغم كل الحلول.
فبعد انخفاض معدل التضخم إلى 6.2٪ بعد جائحة كورونا في نوفمبر 2021، عاد ليرتفع من جديد في يناير 2022 إلى مستويات ذروة الجائحة عند 8%، قبل أن يرتفع إلى 10% في فبراير، بسبب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.
وبحسب آخر تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فإن معدل التضـخم السنوي لإجمالي البلاد وصل 15.3% خلال شهر سبتمبر 2022، مقارنة بـ 8% لنفس الشهر من العام السابق، وهو رقم يقترب من الضعف.
لكن الأمر لن يتوقف عند هذا الحد، فالرقم مرشح لمزيد من التصاعد، في ظل الأوضاع العالمية وعلى رأسها الحرب الروسية الأوكرانية، وسط احتمالات خفض قيمة الجنيه -مجددا- في مواجهة الدولار على خلفية مباحثات بين مصر وصندوق النقد الدولي.
كما أن محاولات البنك المركزي لمواجهة التضخم عبر السياسات النقدية لن تقدم حلا جذريا للأزمة، خاصة أن التضخم في تزايد رغم رفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بمقدار 300 نقطة أساس منذ بداية العام.
لكن يمكن وضع تصورات أخرى لحلول بيد الحكومة فعلى سبيل المثال تحتاج وثيقة ملكية الدولة لمزيد من النقاش حولها. فرغم أن الدولة طرحت الوثيقة للحوار من مختلف القطاعات، إلا أن الحوار ليس بكافٍ من وجهة نظري.
ورغم أن رفع معدلات النمو الاقتصادى عبر تمكين القطاع الخاص وتوفير السيولة لدعم قطاعات الصحة والتعليم من أهداف وثيقة ملكية الدولة، إلا أن التضخم بمعدلاته الحالية سيكون عقبة رئيسية في تنفيذ تلك الأهداف.
في المقابل فإن الحفاظ على تلك الأصول المنتجة، عبر تطويرها وتحديثها من خلال دراسات مراكز الخبرة وإعادة تعيين وتدريب العمالة الماهرة، يعد ضمانة لتوفير عوائد تسمح بالتنمية ودعم القطاعات الرئيسية، إضافة إلى استمرار ملكية الدولة لتلك الأصول.
أضف إلى ذلك فإن المشروعات القومية رغم أهميتها وحتميتها، إلا أننا بحاجة للاستزادة من المشروعات المنتجة جنبا إلى جنب مع المشروعات الخدمية، إلى جانب ضرورة زيادة المدة الزمنية للتنفيذ بما يجعل الإنفاق تنمويا، حتى لا تستنفذ تلك المشروعات الموارد المالية للدولة.
كما أن بعض الأزمات تم المبالغة في آثارها، فمن الطبيعي أن ترتفع الأسعار في ظل الحرب بسبب قلة الإمدادات وندرة المعروض، لكن الزيادات الضخمة في معظمها تأتي بسبب الاستغلال، ما يستدعي تشديد الرقابة بشكل أكبر وأكثر صرامة على الأسواق.
في المقابل، أثمن ما أعلنته الدولة عن تنظيم مؤتمر اقتصادي، وذلك عقب الإعلان عن الحوار السياسي الوطني، وأتمنى أن يتم التركيز فيه على أولويات المشروعات، وإطلاق مبادرة خاصة بدعم الزراعة، إلى جانب مبادرة ابدأ الخاصة بالصناعة، حتى تصبح لدينا أجندة متكاملة للنهوض بالنمو وفرملة التضخم.
وختاما أود أن أتوجه بالشكر لـ”التنسيقية”، على اعتمادها المنهج العلمي في جميع الأمور، وفتح باب الحوار حول مختلف القضايا والاستماع لمختلف الآراء، وهو ما كانت تفتقده مصر بشدة قبل وجود هذا الكيان الكبير.
* أحمد غنام، مدير التحرير بجريدة الدستور.