ابتسام الحاج زكي تكتب | سجالات واهمة

0

أسوأ ما يقع به الإنسان هو التطرف في تبنيه لقضايا قابلة للنقاش والحوار فيحيلها إلى مسلّمات لا يمكن بأي حال من الأحوال المساس بها، ويؤسف عندما يهوى وينتهج بقصدية أم بدونها بعض ممن ينادون ويتشدقون في الدفاع عن الحريات واحترام الرأي والرأي الآخر.
نقول هذا ووسائل الإعلام بتعدّد مصادرها تضجُّ بشواهد من الكثرة على الإحصاء، أشخاص يتناطحون حواريا في سجالات أغلبها مستهلكة ولا تنطوي إلّا على البسطاء، وبدهاء ومكر يلبسونها ما يوهم بأهميتها، ولها من الفاعلية على أرض الواقع ما يدعو إلى التشبث في الدفاع عنها، حتى أصبح الواحد من المغلوبين على أمرهم يتوارى عن كل ما من شأنه تعكير المزاج، ويزيد الفجوة اتساعا، فهجرنا التلفاز بفضائياته، ولذنا بتقنية تتيح لنا الانتقاء ولو بالحد الأدنى، وصرنا نبحث بجد عن منافذ أكثر تسامح تؤمن بالتعددية وتقبّل الرأي والرأي الآخر مهما اختلف عنّا دينيا أو فكريا، ما دام لا يحدث بما اعتقد خلخلة قد تفضي إلى زرع الكراهية والتباغض بين أبناء المجتمع الواحد، وقد تقود إلى عدم الاستقرار وزعزعة الأمن والجرّ بالبلاد والعباد إلى زاوية مظلمة تتخبطُّ خطوات الجميع ولا تقود إلاّ إلى التشرذم والتمزّق، وننهل من شريعتنا السمحاء ما يعين على ذلك ما دام القائل وقوله الحق سبحانه وتعالى:(ٱدْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ وَجَٰدِلْهُم بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦوَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ)، وقوله تعالى :(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ…).
والآيات في هذا الصدد من الكثرة، ولكن نكتفي بهذين النصّين الكريمين، فهما بمثابة قانون إلهي يضع بني آدم أمام حجمه الحقيقي، فاللحظة التاريخية العصيبة التي نمرُّ بها والتي تكاد تفتك بكل شيء وتأتي على الأخضر واليابس ولا تذر تضع الجميع أمام خيار أخلاقي قيمي لا ثاني له وهو الركون إلى لغة العقل والمنطق والابتعاد عن كل ما من شأنه أن يزيد الأمور سوءا، ويقود لعاقبة الجميع خاسر فيها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.