مصطفى العبد الله الكفري يكتب | الاقتصاد المصري في القرن العشرين
مر الاقتصاد المصري بعدد من المراحل منذ انتهاء العهد الملكي والتحول إلى النظام الجمهوري إثر قيام ثورة الضباط الأحرار في عام 1952 أهمها:
المرحلة الأولى – إعادة توزيع الدخل والثروة (1952 – 1960):
تميزت هذه المرحلة باتخاذ عدد من السياسات الاقتصادية تصب في اتجاه إعادة توزيع الدخل والثروة، من خلال تدخل الدولة الواضح في النشاط الاقتصادي، وكانت أبرز هذه السياسات قانون الإصلاح الزراعي في أيلول / سبتمبر 1952، واتباع سياسة التصنيع لاستيعاب مزيد من العمالة وإنشاء (المجلس الدائم لتنمية الإنتاج القومي) وبدء الاستثمار الحكومي المباشر من خلاله في شركة الحديد والصلب عام 1954، ثم تأميم قناة السويس عام 1956. ومع تزايد تدخل الدولة بدأ الاتجاه للتخطيط عبر إنشاء لجنة التخطيط القومي عام 1957 بدلاً من مجلس الإنتاج القومي.
المرحلة الثانية – التخطيط الشامل (1960 – 1966):
يطلق عليها مرحلة التخطيط الشامل ومن أهم ملامحها التخطيط الاقتصادي القومي الشامل والتطبيق الاشتراكي، وتم البدء بأول خطة خمسية شاملة 60 – 1965 يرتكز تنفيذها على قطاع اقتصادي قائد تسنده عدة سياسات أهمها القوانين الاشتراكية وتحديد ساعات العمل والأجور وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر والتدخل في تحديد الأسعار، وقد أسفرت تلك المرحلة عن تحقيق معدل نمو بلغ 38% خلال الخطة الخمسية.
المرحلة الثالثة – اقتصاد الحرب (1967 – 1973):
مرحلة تطور الاقتصادي المصري ومرحلة اقتصاد الحرب، حيث عانى الاقتصاد من مشكلة تمويل الخطة وكانت السياسات الاقتصادية تخدم الاستعداد لتحرير الأرض المصرية المحتلة، وزاد الإنفاق العسكري من 5.5% من الناتج المحلي في عام 1962 إلى 10% في عام 1967، ثم إلى20% في عام 1973.
المرحلة الرابعة – الانفتاح الاقتصادي (1974 – 1981):
تميزت بالانفتاح الاقتصادي وتم إحداث تحول جذري في النظم والسياسات الاقتصادية، وكانت أبرز ملامح هذه المرحلة التحول من نظام التخطيط المركزي الشامل، واستبداله ببرامج سنوية في شكل خطط متحركة، والاستعانة برأس المال العربي والأجنبي في تمويل التنمية وظهرت قوانين الانفتاح الاقتصادي، ومن أهم نتائج هذه المرحلة تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفع وصل إلى 9.8% ولكنه كان مرتبطاً بالنمو في قطاع الخدمات أكثر مما هو مرتبط بقطاع الإنتاج.
المرحلة الخامسة – عودة التخطيط الشامل (1982- 1990):
مرحلة العودة للتخطيط القومي الشامل، ومواصلة السير في سياسة الانفتاح الاقتصادي وتشجيع الاستثمار، فقد شرع بتنفيذ مشروع وطني للتنمية الاقتصادية، وأطلقت الدعوة لعقد المؤتمر الاقتصادي في فبراير/ شباط عام 1982 لتحديد من أين وكيف تبدأ مسيرة التنمية في مصر؟
اتفق الخبراء الاقتصاديون والمتخصصون في هذا المؤتمر الاقتصادي على ضرورة إتباع إستراتيجية تنموية طموحة ومتواصلة من خلال الخطط الخمسية والتي بدأت عام 1982. وقد تم تحديد أولويات عملية التنمية في المرحلة الأولى كما يلي:
• بناء بنية تحتية أساسية قوية،
• جدولة الديون،
• تكثيف إجراءات التحول نحو اقتصاد السوق،
• إلغاء نظام التخطيط المركزي والاستعاضة عنه بأسلوب التخطيط ألتأشيري،
• إعادة النظر في أولويات الخطة،
• تقليص دور القطاع العام تدريجياً،
• التحول إلى القطاع الخاص مع الإبقاء على دور الدولة في إدارة الاقتصاد الكلي على نحو يكفل استقرار الأسعار والتوازن الخارجي والعدالة في التوزيع ومنع الاحتكار،
• الانتقال من مرحلة التصنيع من أجل الإحلال محل الواردات إلى مرحلة التصنيع من أجل التصدير.
تُعد السياسات الاقتصادية المذكورة أعلاه بداية مرحلة جديدة في الاقتصاد المصري، حيث انعكست آثارها على الخطة الخمسية الأولى (82 / 83 – 86 / 1987). (والتي تعتبر ثاني الخطط الثابتة بعد الخطة الأولى في 60 / 1964). نظراً لوجود عاملي الثبات والمرونة وما تضمنته من أهداف تفصيلية يمكن أن توصف بأنها خطة (واضحة الأهداف والأسس) كما كانت ذات طابع تطبيقي توزعت فيه الأهداف الإجمالية على الأنشطة الاقتصادية وعلى جهات الإسناد الرئيسية بحيث تصبح الجهات على وعي كامل بالأهداف المطلوب تحقيقها.
المرحلة السادسة – مرحلة الإصلاح الاقتصادي في مصر (1991 – 1997): مرحلة الإصلاح وتحرير الاقتصاد المصري:
بدأت هذه المرحلة منذ عام 1990 وهي مستمرة حتى الآن. وقد جاءت هذه المرحلة في إطار التحول إلى آليات اقتصاد السوق وتم اتخاذ عدة إجراءات لمعالجة الاختلالات النقدية والهيكلية ومن أهمها:
• تحرير سعر الفائدة،
• إصلاح وتحرير سعر الصرف،
• إنشاء سوق حرة للصرف الأجنبي،
• تنفيذ برامج للخصخصة وتحرير القطاع العام والتجارة الخارجية.
بذلت مصر خلال التسعينيات من القرن العشرين الجهد الكبير للتحول من الاقتصاد الموجه إلى الاقتصاد الحر مما أدى إلى تخفيض العجز في الموازنة وخفض معدل التضخم إلى أقل من 3% واستقرار سعر الصرف، بالإضافة إلى تحرير تجارتها والقضاء على قيود ومعوقات الاستثمار، وخصخصت أكثر من 50% من شركات القطاع العام، مما أدى إلى ارتفاع معدل النمو الاقتصادي السنوي إلى 5%.
خلال الفترة من عام 1991 – 1997 نجحت مصر في برنامج الإصلاح الاقتصادي وبدأ الاقتصاد المصري يحقق مزيد من النجاح مع أنه واجه بعض الصعوبات نتيجة التأثر بالاقتصاد العالمي منذ عام 1997 بسبب الأزمة الاقتصادية في دول شرق أسيا التي تسببت في دخول الاقتصاد العالمي في فترة من التباطؤ.