علي المسعود يكتب | فيلم السباحتان .. الطموح والمثابرة والإلهام (١-٢)

0

شهد العقد الماضي عددا كبيرا من الأفلام حول الأزمة في سوريا ومعظمها أفلام وثائقية شديدة التأثير وتلاحق الآثار الوحشية للحرب ومحنة الذين غادروا أو الذين ظلوا يعانون صعوبة الحياة . وهناك عدد قليل من الأفلام التي خلطت السياسة مع الرياضة ، من هذه الأفلام “السباحتان” الذي افتتح مهرجان تورونتو السينمائي . يستند الفيلم إلى تجارب واقعية للسباحة الأولمبية يسرى مارديني وشقيقتها سارة مارديني ، اللذان أجبرا على الفرار من وطنهما سوريا في عام 2015 بسبب الحرب الأهلية المستمرة في ذلك البلد . تعاونت المخرجة سالي الحسيني مع الكاتب المسرحي الأنكليزي جاك ثورن في اقتباس السيرة الذاتية ليسرا مارديني الصادرة عام 2018 وتحمل عنوان “الفراشة: من لاجئ إلى أولمبي – قصتي عن الإنقاذ والأمل والانتصار” .
يبدأ الفيلم في عام 2011 ، ومن العاصمة ( دمشق ) وفي فترة البلد في حالة غليان ، مسيرات ومظاهرات وأصطدام مع جيش النظام السوري ، فتيات شابات مفعمات بالأمل يحاولن أن يعيشن أفضل حياتهن ، يتدربنً السباحة على يد والدهم عزت ( الممثل الفلسطيني علي سليمان)، وهو سباح سابق توقفت حياته المهنية بسبب الخدمة العسكرية وتقدمه في العمر. يسرا كانت أكثر موهبة من شقيقتها سارة ولديها أحلام في الوصول إلى دورة الألعاب الأولمبية . سوريا تشهد حربا أهلية ضارية وهجمات عشوائية على المدن، وتسود أجواء الخوف والقلق في دمشق، وفي مشهد صادم ، أثناء تدريب الشابة يسرا على السباحة في مسبح بأحد النوادي تسقط قذيفة بعد أن تخترق سقف المكان وتستقر في قاع المسبح وتنجو يسرا بأعجوبة من الموت. بعد هذه الحادثة تدور مناقشات داخل الأسرة حول مستقبل العائلة ، ثم يستقر الأمر على ضرورة إبعاد يسرا وسارة خارج سوريا إلى أوروبا، حيث يمكنهما شق الطريق نحو تحقيق حياة جديدة .
في البداية ، لم يكن الأب موافقا على الفكرة لمعرفته بخطورة الرحلة بالأضافة لمدى خطورة الطرق، لم يقتنع الأب في إرسال ابنتيه لمعرفة الى ادراكه في صعوبة خوض الفتاتين تجربة السفر لوحدهما . لكن سارة مصممة على الهرب من هذا الجحيم وخصوصا بعد أختفاء ومصرع بعض الاصدقاء و الصديقات ، وفي نفس الوقت ، كانت واثقة من قدرتها على الاعتناء جيدا بأختها يسرا . يوفر الأب المال اللازم للرحلة ويقترض مبلغ 10 آلاف دولار، ويتطوع ابن عمهما نزار (الممثل المصري آدم مالك) ليصحبهما في تلك الرحلة التي ستصبح حقا رحلة الأهوال . إستقل الثلاثة الطائرة في رحلة سياحية إلى إسطنبول ، ولكن إعلان المضيفات على متن الطائرة الذي يذكر الركاب بأن سترات النجاة هي ملك لشركة الطيران ، وسيتم مقاضاة أولئك الذين يحاولون أخذها يوشر الخطوة ألاولى لرحلة الغربة اللجوء .
بعد وصولهم إلى تركيا يكتشفون طريقة للوصول إلى ليسبوس بمساعدة مهرب . بعد السفر لمدة عشر ساعات على متن حافلة ، وصلوا إلى النقطة التي كانوا يستقلون منها القارب إلى اليونان . تألفت المجموعة من أشخاص من الصومال وأفغانستان وإريتريا والسودان كانوا متجهين إلى السويد وألمانيا والمملكة المتحدة . حشرت الشقيقتان نفسيهما على متن قارب مطاطي صغير وانطلقا من ساحل تركيا على أمل الوصول إلى أوروبا. لم يكن القارب يتسع إلا لسبعة ركاب، لكنهم تمكنوا من حشر 18 لاجئا آخرين داخله. وتركوا بمفردهم في البحر ، المخرحة سالي الحسيني التي شاركت في كتابة السيناريو مع جاك ثورن ، تحافظ على تركيزها على الأخوات ونزار، لكنها تقوم بعمل رائع في إظهار كيف تتشكل الصداقات والعلاقات بين اللاجئين اليائسين. عند تقديم المجموعة التي تكافح للوصول الى الضفة الأخرى ، تذكر كل واحدة منهن بلدهن – السودان وأفغانستان وإريتريا وما إلى ذلك – ولكن لا يتعمق الفيلم في التعريف بهذه الشخصيات. تصبح يسرى قريبة من أم أرتيرية تدعى شدا (ناهل تسيغاي)، مع ابنتها الرضيعة هاربة من العنف الاسري وزوج سيئا وتشكل سارة صداقة جميلة مع الشاب الأفغاني عماد (جيمس كريشنا فلويد) الذي فر من كابوس كابول . عدد قليل منهم يعرف السباحة ، لذلك طلبت سارة أن يتعاونوا فيما بينهم إذا واجهوا أي خطر. وسرعان ما بدأت المياه تملأ القارب ، ولكن الصدمة حين توقف المحرك عن العمل ، وبدأ الذعر يدب بين المجموعة ، ومع حلول الليل، يزداد الوضع سوءا ولتخفيف الحمل وتقليل الوزن على متن القارب يبدؤا برمي الحقائب وألقت يسرا جميع الميداليات التي فازت بها ، من الواضح أن هذه الإنجازات لاقيمة لها لحظة الكفاح من أجل البقاء على قيد الحياة . كان اللاجئون على وشك الغرق في البحر . قفزت سارة في البحر وتبعتها أختها يسرا. نجحت محاولة سارة وبدأ المحرك مرة أخرى. رفضت الشقيقتان الصعود إلى القارب وظلا في البحر يسحبان القارب وهما يسبحان طوال الليل ، وفي الصباح وصلوا إلى الشاطئ وكانت طبيعة الفتاتين المتفانية هي التي أنقذت العديد من الأرواح .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.