د. أحمد سلطان يكتب | دوافع الصراع الثنائي على القارة الأفريقية
نمت أهمية القارة الأفريقية من الناحية الإستراتيجية خلال السنوات القليلة الماضية وبالرغم أنها عانت من التهميش والإقصاء خلال العقود القليلة الماضية ولكن الأهمية التي تتمتع بها القارة الأفريقية دفعت بعض القوى العالمية، لا سيما واشنطن وبكين إلى ساحة المنافسة لتأمين موطئ قدم لمصالحها وفتح آفاقها وتعظيم مكاسبها، واستغلال ثروات القارة وبالأخص شرايين الطاقة المختلفة التي تتمتع بها بعض دول القارة الأفريقية.
ومن هنا يمكننا تلخيص أهم نقاط القوة والتي وضعت القارة الأفريقية فى بؤرة الإهتمام الأمريكي الصيني ومنها:
تمتلك القارة الأفريقية احتياطيات ضخمة من النفط والغاز الطبيعي، حيث تسيطر على أكثر من حوالي 124 مليار برميل من احتياطيات النفط، والتي تقدر بأكثر من 12% من إجمالي احتياطيات النفط في العالم، وهناك أكثر من حوالي 100 مليار برميل من احتياطيات النفط. ويقدر إنتاج الغاز الطبيعي في القارة الأفريقية حوالي 7% من إجمالي الإنتاج العالمي من الغاز الطبيعي، بينما لا تزال القارة الإفريقية تمتلك أكثر من حوالي 500 تريليون متر مكعب من احتياطيات الغاز الطبيعي العالمي، وهو ما يمثل حوالي 10% من إجمالي احتياطيات الغاز الطبيعي العالمية. وتتمثل إحدى مزايا النفط والغاز الأفريقي في السهولة النسبية للاستخراج والبيع. وتتميز القارة الأفريقية باحتياطيات ضخمة من عنصر اليورانيوم، حيث يُشكل الإنتاج أكثر من 20% من الإنتاج العالمي.
بالإضافة إلى أنها تحتوي على حوالي ثلث احتياطيات العالم. ويُشكل الذهب الأفريقي أكثر من حوالي 25% من إجمالي إنتاج الذهب العالمي، والاحتياطيات الاستراتيجية من الذهب في القارة الأفريقية حوالي 50% من إجمالي الاحتياطي العالمي. وبالنسبة للماس فهي تنتج حوالي 40% من الماس عالميًا. وتنتج البلاتين أكثر من حوالي 80% من إجمالي البلاتين عالميًا. وتكمن الأهمية الاستراتيجية للقارة في الكوبالت إذ تنتج أكثر من حوالي 27% من إجمالي كمية الكوبالت المنتجة عالميًا. بالإضافة إلى الحديد إذ تنتج ما يُعادل حوالي 9% من إجمالي إنتاج الحديد عالميًا. وتتميز القارة بوجود العديد من الغابات والتي ينتج منها الأخشاب بكميات كبيرة، حيث تسهم صناعة الأخشاب بأكثر من حوالي 60% من إجمالي الناتج القومي للقارة بأكملها، وهي أعلى نسبة في جميع القارات. وتكتسب القارة الأفريقية بعدًا استراتيجيًا متناميًا على المستوى العالمي ويرجع ذلك إلى ما تحتويه أراضيها من مواد خام وموارد طبيعية لم تستغل بعد. حيث يستهدف هذا الاهتمام هذه الموارد في المقام الأول بسبب إثر تزايد الطلب العالمي عليها، والنقص الحاد فى الاحتياطيات العالمية منها. ومن هنا يجب إلقاء الضوء على تلك الصراعات وتداعياتها على المستوي العالمي فى النقاط التالية:
الصين تُعد ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، والتي من المتوقع ارتفاع واردات الصين النفطية لتصل إلى أكثر من حوالي 13 مليون برميل يوميًا وذلك فى عام 2030. وهنا يجب الإشارة إلى أن أكثر من حوالي 35% من واردات الصين من النفط تستورد من قارة أفريقيا وذلك بالمقارنة بحوالي 50% من إجمالي ما يصلها من منطقة الشرق الأوسط، نجد أن الصين أصبح لها حضور مكثف في أفريقيا. إذ يُمثل النفط ضرورة قصوى لها لتأمين احتياجاتها المتزايدة من النفط، ولمساعدتها على تحقيق سياسة أمن الطاقة الصينية القائمة على رفع نسبة التوزيع الجغرافي والتنويع لمصادر الطاقة.
الولايات المتحدة الأمريكية تُعد من أكبر مستهلكي ومستوردي النفط في العالم، وهي لا تستطيع أن تتخلى عن النفط والذي يشكل أحد ركائز الاقتصاد الأمريكي، وعنصرًا غير قابل للمساومة، وهذا المبدأ هو ما يفسر وجودها في أي مكان يوجد به النفط. فالولايات المتحدة الأمريكية ترصد أي تحرك لأي منافس حقيقي أو محتمل لها في الملعب الأفريقي من شأنه أن يضر بأمن الطاقة الأمريكي.
ختامًا، تمتلك القارة الأفريقية العديد من المقومات، إلا أنها في الوقت نفسه تشهد العديد من التحديات التي تسببت في تفشي الفقر، ومنها اعتماد أغلب الاقتصادات الأفريقية على تصدير السلع الأساسية، وهو ما يجعلها عرضة للتقلبات الاقتصادية العالمية، ومعوقات اجتماعية مثل ارتفاع معدلات الأمية، وانتشار الفساد الذي يلتهم جزءًا كبيرًا من عوائد التنمية.