رحاب عبد الله تكتب | حتى لو تألق كل العالم.. ستبقى مصر بخير

0

تعليقات كثيرة تحمل الحسرة والألم كلما أحرزت دولة ما تقدم في تنظيم مهرجان فني أو موسيقى أو حدث عالمي أو أيا من المجالات خاصة تلك التي تندرج تحت مسمى القوة الناعمة، فنجد ملايين المصريين يشعرون بالغيرة على بلدهم الأم التي قدمت للإنسانية بداية كل شىء وكانت هي دائما صاحبة الريادة.
إنني اتفهم جيدا مشاعر هؤلاء المصريين فهم لا يتحملون أن تتفوق دولة ما أيا كانت على بلادهم الأم وهي غيرة مشروعة بل ومحببة، ومن هذا المنطلق قررت أن أتحدث إلى هؤلاء المصريين عن الواقع المصري الذي أعيشه يوميا لئؤكد لهم أن مصر بخير وأن مهما تفوقت علينا بلدان سنظل نحتفظ بمكانتنا وأصولنا.
في بداية يناير الجاري وصلت السفينة لوجوس هوب والمعروفة بالمكتبة العائمة لميناء بورسعيد بعد غياب استمر ١٦ عاما ومنذ ذلك التاريخ تحولت بورسعيد لمدينة الجذب الأولى للرحلات في مصر.
سافرت لبورسعيد لزيارة تلك السفينة بصحبة طفلي وبمجرد الاقتراب منها وجدت تجمعات ضخمة أشبه بالمظاهرات فسألت أين شباب التذاكر والحجز ففوجئت بأن تلك التجمعات التي تمتد على مسافة ١٠ كم على أقل تقدير تقف في انتظار فتح شباك التذاكر.
عند افتتاح معرض الكتاب يحاول الجميع الابتعاد عن زيارته في أيام العطلات لكونه لن يستطيع الاستمتاع به وسط الحشود التي تتدفق من من كل حدب وصوب.
منذ شهر تقريبا نظم الموسيقار نادر عباسي المعروف بالموسيقى الكلاسيكية التي نظن أنها لم يعد لها مكان وسط الموسيقى الصاخبة وأغاني المهرجانات المنتشرة حفل موسيقى بجامعة القاهرة حيث الشباب ذوي السن الصغيرة فكان الحضور طاغي مما أدهش الموسيقار نفسه والذي كتب على صفحته يعلن دهشته من هذا الكم الذي حضر مثل هذا النوع من الموسيقى من الشباب الذين لم يتجاوز عمر أكبرهم ٢٠ عاما.
دار الأوبرا غير قادرة على استيعاب كافة الأطفال الراغبين في تعلم الموسيقى فيتم وضعهم على waiting list لحين تنظيم اختبار واختيار الأكثر ملائمة، أمام ساحات التدريب بالنوادي والاكاديميات الرياضية تنتظر ملايين الأمهات يوميا أبنائها بالساعات حتى ينتهوا من التمارين، ونفس المشهد في كل مكان يقدم مادة علمية أو ثقافية أو فنية، ثم نجد من لا يزال يقلق على مصر.
إن تلك المشاهد جميعا توكد أن مصر لا تزال بل وستظل بخير وتؤكد أن انتشار التفاهة والسطحية والتريندات الخاوية ما هو إلا أمور تافهة من صغرها وهشاشتها تطفوا على السطح فنراها بينما يظل العمق صلبا تضرب جذوره في الأرض بقوة لتحمل وطنا فوق ذراعها حتى وإن لم يسمع صوتهم أحد.
إن وجود عشرات الآلاف أو ربما بضع ملايين من التعليقات أو الآراء أو تصدر الأغاني الخفيفة أو بعض المظاهر للمشهد لا تعني أن هذا هو مصر.. مستحيل فتعداد وطن يصل ل ١٠٠ مليون لن يضيره حتى مليون أو اثنين من الأمور الغير نافعة التي تطفو على السطح بينما تبقى عشرات الملايين تسعى للأفضل وتبحث عن الصدارة حتى وإن لم تبوح بذلك على صفحات السوشال ميديا أو تتصدر تلك التريندات اللعينة.. لذلك أقولها وأنا كلي يقين من يعمل بجد يعمل في صمت وهم غالبية المصريين لذلك لا تقلقوا على مصر فبلادنا ستبقى بخير وستظل الأم والمنبع بل والصدارة.
عاشت مصر بخير وقوة في قلوب أبنائها المخلصين المجتهدين..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.