داليا فكري تكتب | تحت الوصاية .. نية بأوراق رسمية
هل تعلم معنى القهر؟؟، أو هل استشعرت مذاقه؟؟، هل اجتاحتك غصة في حلقك أثنتك عن ابتلاع ريقك؟، وكأن الحياة توقفت هنا عند هذا المشهد، أو هذا الشعور الذي تملكك جراءه.
إذا مررت بتلك المشاعر، فأعلم أنك تَحْضر “تحت الوصاية”، حيث استطاعت الدراما أن تسحبك معها بين أروقة القهر الذي فرضته عليك أوراقك الرسمية يوم فقدت السند.
بعين المشاهد يجعلك البناء الدرامي للمسلسل تستشعر كم أنت جاني في صمتك، ناقم على نعمة الحياة بدون وصي، فكم من وصي حرم غيرك حقه في الحياة بكرامة بدافع الحفاظ على المصلحة، وكم من صرخة ظلت حبيسة بمطرقة العدل، فهنا القانون مُلزم وروحه في ذمة الله.
جعلنا المسلسل ندرك أننا جميعا متهمون لا نستثني أحد، وخلع عنا حجة الجهل يوم وضعنا موضع الحَكَم فيما يجسده أبطاله من حقائق تناسيناها متعمدين، حتى نرضي ضمائرنا، من مرارة اليتم.
أخذنا تيه الوصاية، لسراديب القهر والذل الذي نشارك فيه بصمتنا وعدم محاولاتنا تغييره، فالتغيير حق لكل زمن كاد أن يسحقنا ثباته فغابت معه كل مظاهر الإنسانية، وأفقدنا الطفولة العيش بدفء يوم سحقتها الغصبانية ووأدها مهانة الإضطرار، انتزعت منى ذكي دموعنا الحبيسة مع كل غصة قلب عانتها ورعشة خوف مثلت فيها الثبات والقوة حتى لا يضيع حق صغارها بين طيات الورق.
سنختلف ونتعارك ونتجادل وتأخذنا الحمية على معنى الوصى، ولماذا أُوصيَ، وأحقيته بالإثم الذي ندفع ثمنه جميعا عندما يفقد اليتيم أمنه وأمانه، فيحمل عبئا يُذيقه الكهولة ممتزجة بقلة الحيلة، وتضيع برائته مع تحمل المسئولية.
تحت الوصاية صرخة قهر في وجه القانون.
تحت الوصاية صفعة وجع على وجه الإنسانية.
من كثرة واقعيته صدمنا التجسيد، فكم نحن قساة على لحمنا بحجة الوصاية، ولو يعلم المُوصِي ما يُجنيه المُوصِي عليه من شتات.. لحلقت روحه تحميه من مرارة اليتم، وتيه المستقبل.
نأمل أن تُنقل أحاسيسنا بهذا العمل إلى قاضٍ عدل يُنهي مرارة التيه الذي تصنعه الوصاية بقول حق يحمي كل صغير من شتات لا مبرر له، وقهر بغير داعي، ويُذيقه حلاوة الدفء في حضن أم آمنة، مستكينة، مطمئنة، أن الموت إذا أفقدها عزيز.. فلن يُفقدها العِزة.