يوسف جرانت يونان يكتب | مواقع التواصل الاجتماعي والأخبار المزيفة

0

ليس خفيًا على أحد أن الأخبار المزيفة تلاحقنا من كل جانب، وذلك لا يشمل وطنًا أو أمة بعينها بل قد طالت العالم كله حتى أضحت حديث الصباح والمساء في مصر والعالم أجمع، وأخطر ما يميز الخبر المزيف أن صوته أعلى من الحقيقة (للأسف)!، إذ عادةً ما تُنشر الأخبار المزيفة لجذب الاهتمام والبحث حولها وبالتالي فإنها تستخدم قصصًا أكثر تشويقًا وحماسًا تلقى بها رواج أكبر من رواج القصة الحقيقية المنشورة، ولقد ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة في إعلاء صوت الأخبار المزيفة بشكل أول بآخر إذ أضحت مواقع التواصل الاجتماعي أرضًا خصبة للأخبار المزيفة وذلك يرجع إلى خوارزميات أغلب مواقع التواصل الاجتماعي التي تعتمد فيها على “النشر مقابل الاهتمام”، بمعنى أنه كلما حظى المنشور على اهتمام من قبل مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي كلما ساهمت المواقع تلك في نشرها لمزيد من البشر أكثر، وهكذا، وبالتالي فإن الأخبار الجذابة (والتي عادةً ما تكون مزيفة) هي التي تنتشر في الأغلب.

إن تأثير الأخبار المزيفة بعيد المدى ويمكن أن يتسبب في أضرار جسيمة حقيقية للأفراد وللمجتمع ككل، إذ أنها واحدة من أهم مشكلي الرأي العام بل وتؤثر على قرارات سياسية لدول وتحرض على العنف في بعض الأحيان وليس ذلك بجديد يمكنك إلقاء نظرة على الأحداث الأخيرة كاقتحام مبنى الكونغرس الأمريكي في 6 يناير 2021 إذ مال أغلب مفسري اندلاعها أنها قامت بسبب الأخبار التي انتشرت حول التلاعب في الانتخابات وحدوث تزوير واسع النطاق للناخبين مما أثار ذلك المناصرين للرئيس السابق دونالد ترامب وشجعهم على اقتحام مبنى الكابيتول!، أو بشكل آخر دعونا نتذكر فحسب الحركة المناهضة للقاحات فيروس كورونا 19 تلك التي سمعناها جميعًا والتي ما يزال يؤمن بها البعض حتى يومنا هذا، أما في رأيي ما هي إلا تُرَّهات لأسباب غير معروفة.

في مقال نشره “الغارديان” بعنوان “لماذا تسافر الأخبار المزيفة أسرع من الحقيقة”، تحدث الكاتب عن دراسة كبيرة نشرت في “Journal Science” درس فيها باحثون 126000 قصة تم تغريدها من قبل 3 ملايين شخص منذ أن تم إطلاق تويتر عام 2006 وحتى 2017م وصُدموا بالنتيجة التي توصلوا لها والتي تتلخص في التالي: “الباطل منتشر بشكل ملحوظ أبعد وأسرع وأعمق وأوسع من الحقيقة في كل فئات المعلومات”.

في مقال آخر نُشر في يوليو 2018 يتحدث عن تأثيرات النزعات الفردية والعواطف والتعصبات الشخصية إلى تقبل أو رفض الخبر فيقول: لم تَعُدْ الحقائق تعني شيئًا، فقد أطاحت الجماهير بـالافتراض الصحفي بأنَّ النَّاس يشتاقون للمعلومات. في الواقع، الجماهير تريد مادَّة تعزز تَعَصُّبَهَا (ما تؤيده وما تود أن يصدقه الآخرون).

حسنًا جيد، لكن لماذا كُتب ذلك؟، للتنبيه، إذ أنه في معركة الوعي التي تسعى دولتنا في الوضع الحالي للوقوف متصدية كل زائف، فإنه من الجدير بالذكر أن نشاركها منصة القتال معلنين أنه ينبغي علينا أن نتحرى من صدق ما نقابله عبر مواقع التواصل، وحقيقةً لا يمكن إنكارها أن الدولة تقف على قدم وساق في مكافحة تلك الجريمة باعتبارها مدمرة للفرد والمجتمع وأكمّ من المبادرات والتشريعات التي تتناول تلك القضية والتي تدعمها القيادة السياسية إذ أن الدولة قد تيقنت أن الأخبار هي البنية التحتية للفكر وعليها فلقد رأت أنه لابد من تنقية الفكر من شوائبه أي تنقية الفكر من الأخبار المزيفة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.