د. أميرة الطاهر تكتب | عمال بلا أعباء وظيفية

0

استوقفتني عبارة كررها بعض العمال في إحدى الشركات المملوكة للدولة في أثناء إجراء الدراسة الميدانية لأطروحة الدكتوراة الخاصة بي، وهي أن هناك عددًا من زملائهم في العمل يتقاضون أجورهم دون الذهاب للعمل لعدم وجود أعباء وظيفية لهم، نتيجة لأعمال التطوير التي تمت والتي بموجبها زاد الاعتماد على الآلات في مقابل العنصر البشري. وقد لاحظت بالفعل وجود فجوة كبيرة بين أرقام العاملين في الأوراق الرسمية للشركة وبين الحضور الفعلي بشكل لم يمكنني من جمع العينة الممثلة لمجتمع الدراسة. وهو ما جعلني أتساءل عن دور إدارة الموارد البشرية في شركة تعتبر من أكبر الشركات على مستوى العالم في تخصصها، فمن الطبيعي أن تتضمن خطط التطوير لأي مؤسسة بعد خاص بالمورد البشري لديها، وكيفية تأهيله ليتناسب مع ما يتم من تطوير، ويضمن الاستغلال الأمثل لأعز ما تملكه المؤسسة.
العجيب أن الشركة القابضة والشركات التابعة لها تعاني وفقا للتصريحات المتكررة لمسؤوليها من خلل واضح في توزيع العمالة في القطاعات المختلفة لديها، كما أنها تصنف ضمن الشركات الخاسرة، ورغم ما يتم بها من أعمال تطوير تتكلف مليارات الجنيهات، تفتقر لوجود خطة واضحة تتمكن من خلالها إعادة توزيع العمالة الفائضة على القطاعات الأخرى، وذلك بعد أن يتم إخضاع هؤلاء العمال لبرامج التدريب المناسبة التي تمكنهم من أداء مهامهم الجديدة ومن ثم لن تضطر تعيين عمال جدد، وهو ما قد يساهم في خفض تكاليف الإنتاج، ويقلل من حجم خسائر الشركة.
حال هذه الشركة لا يختلف كثيرا عن العديد من مؤسساتنا الحكومية التي تعاني هي الأخرى من خلل في توزيع العمالة لديها، ما بين مؤسسات تزدحم بالعاملين وتعاني من “البطالة المقنعة”، وأخرى تعاني شحا في عدد العمال لديها.
أحد أبعاد خطة الإصلاح الإداري التي تقوم بها الدولة حاليا هو خلق جهاز إداري رشيق ومرن. لذا هناك حاجة قصوى لدراسة شاملة ودقيقة لكافة مؤسسات الدولة يتحدد فيها الاحتياجات الفعلية لكل مؤسسة من القوة العاملة لديها، وكيفية إعادة توزيع العمالة الفائضة بين المؤسسات. الأمر ليس بهين فبلا شك سيكون هناك مقاومة من قبل العاملين خوفا على ما حققوه من مكاسب وظيفية، لكن هذه المقاومة ستقل حتما إذا ما تمت مشاركتهم في وضع خطط التطوير، وتنفيذها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.