سمر عمرو تكتب | رسالة للحوار الوطني
لم اعتن يوماً بالشأن السياسي ولا تستهويني أحاديثها بل وتزعجني صراعاتها، وبعد بلوغي سن الأربعين وبمعاصرة كل المستجدات المحلية والعالمية بدايةً من الأزمة المالية العالمية عام 2008 تليها أحداث 25 يناير ومن بعدها حكم الإرهاب عام 2012، ومن بعدهما ثورة الشعب التي حماها جيش مصر العظيم في 30 يونيو 2013 ثم تهديدات الجائحة وأخيراً الحرب الروسية الأوكرانية التي هددت الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي لدول عظمى فضلاً عن تداعياتها الإقليمية الدولية.
وخلال الخمسة عشر عام الماضية توفى أعز أصدقائي في أحداث بورسعيد، وأصيب عمي بجلطة بعد إغلاق مؤسسته وإعلان إفلاسه، كما هاجر شقيقي الوحيد إلى قارة أخرى برفقة زوجته وابنتيه، وفقدت ابن خالتي ورفيق طفولتي بعد إصابته بفيروس كورونا.
رسالتي تبدو حزينة بعض الشيء ولكن في الحقيقة الرسالة لم تبدأ بعد، وقبل عرضها أؤكد أنني لم أطمح بالمستحيل ولا زلت عاشقاً لتراب وطني ولا زلت انتظر حياة آمنة ومستقرة وحتى الآن لم أفكر في استكمال ما تبقى من عمري خارج حدود وطني ولن أربي أولادي في دولة أجنبية ليتأثروا بثقافة مغايرة.
وبعد الدعوة للحوار الوطني وانطلاق جلسات لجانه سعدت جداً بوجود لجنة في المحور المجتمعي باسم “لجنة الثقافة والهوية الوطنية” وتابعت جلساتها والبيان الإعلامي الصادر بعد كل جلسة متضمناً القضايا الثقافية وإثارة كل المشكلات التي تتعلق بالهوية الوطنية المصرية لذلك أتمنى أن تصاغ توصيات دون تغافل حقيقة جهل أبنائنا بعظمة وقدر الثقافة المصرية وأن تكون التوصيات قابلة للتحقق وفق المتغيرات الجديدة، وتأتي بما يتناسب مع حال “قضية الهوية الوطنية المصرية” خاصةً تجاه النشء والشباب المصري، لأن الوطن في أشد الحاجة إليهم.
عناية الحوار الوطني، رسالتي محددة جداً مضمونها (هل نستطيع؟) رسالتي بصفتي مواطن مصري بسيط تنحصر في خمسة أسئلة فقط.
هل نستطيع صياغة خطة تستهدف ترسيخ المواطنة والهوية لشباب مصر والذي يستقبل يتدفق إليه كم هائل من المعلومات التي تستعمر عقولهم قبل أرضهم؟
هل نستطيع مواجهة حرب الثقافات اللاأخلاقية و المدمرة لأفكار من هم أمل مصر؟
هل نستطيع إطلاق سلسلة مبادرات تستهدف التأسيس السليم لفكرة الانتماء للوطن؟
هل نستطيع الاستثمار في مواهب أطفالنا بتطوير وتنمية مهاراتهم الفنية؟
هل نستطيع تعزيز ثقافتنا المصرية في الخارج بما يساهم في زيادة تنافسية السياحة المصرية؟
ظن الكثير بعد الدعوة للحوار أنه حوار سياسي من الدرجة الأولى، وبعد البحث والمشاورة تيقنا جميعاً أن الشأن المجتمعي يتأثر بالماضي والحاضر وحتماً سيؤثر في المستقبل.
نأمل أن تؤخذ تلك التساؤلات محل اهتمام مجلس أمناء الحوار الوطني والسادة المقررين العموم للمحاور الرئيسية والسادة مقررين اللجان والسادة المتحاورين وكل صناع القرار المعنيين بقضية الثقافة والهوية والوطنية.