كريم صبحي على يكتب | استراتيجية الحروب الأهلية

0

شهدت الحروب في السنوات الأخيرة تطور وتغيُر ملحوظ وكبير جداً فلم تعُد الحروب اليوم كما كانت في الماضي بين الجيوش النظامية وعلى الجبهات القتالية بل أصبحت الحروب الأن في عصرنا الحالي تعتمد على التكنولوجيا والذكاء الإصطناعي بشكل كبير جداً وأصبحنا اليوم نستمع وبشكل دائم لمُصطلح (( الهجوم السيبراني )) على مُعظم شاشات قنوات الأخبار التليفزيونية وأيضاً على جميع مواقع التواصل الإجتماعي وذلك يدُل بالفعل على نوع ونمط جديد من أنواع الحروب الدائرة الأن في جميع أنحاء العالم .
ولكن ما أود أن أتحدث عنه الأن وأُشير لهُ في هذا المقال هو نوع أخطر وأشرس بكثير من حروب الهجمات السيبرانية وحرب تكنولوجيا المعلومات وذلك النوع من الحروب الذي أقصده هو (( الحرب الأهلية )) وهذا النوع الهمجي من الحروب يُعد بالفعل هو الأخطر والأشرس وذلك لإنه يجعل أبناء الوطن الواحد يتقاتلون فيما بينهم ويكون ذلك مثلاً بسبب فتنة طائفية أو صراعات مذهبية أو حتى مُجرد إختلافات في الآراء السياسية والإجتماعية وقد يصل الأمر أحياناً أيضاً إلى إشعال حرب أهلية بسبب مباراة كُرة قدم وهذا ما رأيناه يحدُث بالفعل في بعض الأحيان وفي أماكن كثيرة فالحرب الأهلية تُشبه كثيراً المواد المُلتهبة والخطيرة سريعة الإشتعال فبمُجرد فقط إشعال شُعلة لهب صغيرة جداً أو حتى ولو بمُجرد زيادة طفيفة في درجات حرارة الجو تلقائياً فتكون بالفعل كافية لإشعال حرائق كبيرة وخطيرة جداً تلتهم الأخضر واليابس وتُسقط في طريقها آلاف من أرواح الأبرياء وتُخلف أيضاً كثيراً من الخسائر المادية والمعنوية .
ولعل ما يحدُث اليوم في السودان وليبيا واليمن وغيرها من الدول الأُخرى من إقتتال وحرب أهلية بين أبناء الوطن الواحد من أجل صراع الوصول إلى رأس هرم السُلطة ووضع اليد والإستيلاء بالقوة على ثروات ومُقدرات البلاد يكون مثالاً حقيقياً للتداروك والفهم السريع والدراسة الحقيقية لهذا النوع المُخيف والكارثي من الحروب المُدمرة ، وعندنا أيضاً ما كان سوف يحدُث بالأمس القريب جداً في بلدنا العزيزة مصر من بعد العام 2011 وحتى العام 2013 من إنزلاق البلاد إلى هاوية ومُستنقع وفخ الحرب الأهلية ولولا حفظ الله عز وجل لنا ثم يقظة وفطنة ووعي الشعب المصري العظيم لكُنا الأن أصبحنا في وضع لا نُحسد عليه أبداً .
وعلينا الأن أن نُدرك جيداً وبعقول واعية بأن الدول والكيانات والجماعات والمُنظمات المُعادية لإستقرار وتقدُم الشرق الأوسط والمنطقة العربية تستخدم كافة الإستراتيجيات المُمكنة والمُتاحة لإيقاف ذلك التقدم وزعزعة أي نوع من أنواع الأمن والإستقرار في المنطقة ومن أخطر تلك الإستراتيجيات هي (( إستراتيجية الحروب الأهلية )) فكُل ما عليها فعله فقط هو إشعال فتيل الحرب الأهلية وهي كفيلة بإحراق أي دولة وتدمير أي شعب ونهب وإستنزاف مُقدراته وثرواته ، ولذلك يجب دائماً العمل على تقوية نسيج المُجتمع ودحر ورفض أي تعصُب طائفي أو مذهبي أو سياسي أو مُجتمعي أو حتى رياضي أو كروي ويجب أيضاً فتح جميع السُبل والمجالات للجلوس على طاولة الحوار بين أبناء الوطن الواحد لحل كُل المشاكل وكافة الأزمات ويجب أيضاً توزيع ثروات ومُقدرات الأوطان بطريقة عادلة على كافة الشعوب العربية وهو ما يندرج تحت بند العدالة الإجتماعية وكل ذلك من أجل أن نقطع الطريق على أي عدو خارجي يريد إشعال فتيل الفتنة المُجتمعية من أجل الوصول إلى نيران ولهيب الحرب الأهلية .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.