عادل الباجوري يكتب | المعلَّم

0

المعلم هو حجر الزاوية في بناء المجتمع لو صلح صلح المجتمع ولو فسد فسد المجتمع لماذا لأنه كما ذكرت حجر زاوية هذا الكيان الذي نعيش فيه فهو المربي الذي يتولي مسئولية نشئ ويرعي براعم اليوم ليكونوا عضد الأمة غداً فإن قام المربي برعاية تلك البراعم رعاية سليمة وصلحت التربية كان عضد الأمة قوي صلب يلين ويحنوا حين يغرث ويقاوم ويتجمد حين تهب العواصف والأزمات ويسير بالمجتمع إلي الوجه السليمة فهو بذلك يبني إنسان الذي هو لبنة المجتمع فإن صلحت تلك اللبنة صلح المجتمع بأكمله ، والمعلم هوذلك الإنسان الذي يلامس ويتعامل مع أوعية خاوية مظلمة فينقل لها العلم والمعرفة ليضئ ظلمات جنباتها ويمحو جهلها ، ومن هنا كانت رسالة المعلم رسالة سامية عظمية فهي أعظم رسالة ممكن للإنسان أن يحملها لما لا وأن أول معلم للإنسان هو الله جلا جلاله صاحب الفضل العظيم علي الإنسان ( الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان ) ( وعلم آدم الأسماء كلها )
والتعليم الحقيقي هو إخراج من ظلمات الجهالة إلي نور العلم والإيمان فرسالة المعلم رسالة إلاهية لها أهدافها فالمولي عز وجل ذكر في كتابة الكريم الرحمن علم القرآن ثم جاءت بعدها خلق الإنسان . وقال العلامة راتب النابلسي في تفسير ترتيب قوله تعالي علم القرآن قبل خلق الإنسان أن تقديم تعليم القرآن على خلق الإنسان تقديم رتبياً، لا تقديماً زمنياً، لأن الله سبحانه وتعالى أراد من هذا التقديم أن يبين لنا أن وجود الإنسان، لا معنى له من دون منهجاً يسير عليه .
والعلماء ورثة الأنبياء يقول النبي صلي الله عليه وسلم : إن العلماء ورثة الأنبياء ، إن الإنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر ) رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني .وفي هذا يوضح النبي صلي الله عليه وسلم
فضل العلماء، توضيحًا لقوله تعالى ( يَرْفَعُ اللهُ الذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ والذِينَ أُوتوا العِلْمَ دَرجاتٍ) (سورة المجادلة ) (آية 11 ) فهم الوارثون لما تركه الرسول، لأنه القائل:” بلِّغوا عني ولو آية ” رواه البخاري .
والنبي صلي الله عليه وسلم هو الذي بعثه الله لهذه الأمة الأمية ليهذب ويربي ويعلم
( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ) ( الجمعه ) ( آية 2)
هذه الوظيفة قام بها صلي الله عليه وسلم خير قيام فكانت تلك الأمة التي علمها على عينه من خير الأمم
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن الله لم يبعثني معنِّتاً ولا متعنتاً ) ( مُشِقّاً ومُعَسِّراً)، ولكن بعثني معلماً ميسراً( رواه مسلم).
فضل العلم كبير وفضل المعلم على من يعلمهم عظيم ، إن الله بذاته العليا تولي أن يرحم وأن يصلي علي هؤلاء العلماء كما روي الترمذي في سننه عن أبي امامة الباهلي رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين، حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت؛ ليصلون على معلم الناس الخير) .)
وهكذا نجد أن فضل المعلم عظيم ورسالته عظمية وهو جزء بل أساس العملية التعليمة والتي يجب أن تكون هذه العملية برمتها وما تحتويه من عناصر وأركان أن تكون لخدمة المجتمع وذلك حسب متطلباته أي تلبي سوق العمل ليست عملية تخريج وتكديس دفعات الواحدة تلو الأخري بل تخريج إحتياجات وتلبية طلبات وسد فجوات وتنويع نابع ومرتكز علي قدرات ورغبات إنسان وليست رغبات مكتب تنسيق ، والإصرار علي الإبقاء علي ظاهرة مكتب التنيسق هو الإصرار علي المضي قدماً في طريق الفشل حيث يساهم مكتب التنسيق في إفشال العملية التعليمة منذ مرحلة الحضانة إلي الجامعة ويدفع المعلم منذ البداية للتلقين ونقل المعلومة جافة إلي ذهن الطفل فيخلق آلة تجيد الصم والحفظ ويقتل لديها الإبداع والإبتكار وكما قلنا آنفاً أن دور المعلم هو نقل المعرفة ونشر العلم وليست نقلاً للمعلومة فالمعلومة في وقتنا هذا ليست بحاجة لمعلم حيث أصبح الحصول عليها من السهولة بمكان وهنا يأتي دور الدولة لتعلية وتعظيم دور المعلم الذي هو أساس الإصلاح ، وإعلاء رسالته العظيمة التي يحملها هذا الإنسان الذي أصبح وعذراً في اللفظ ( فاقد للهوية ) وأصبح مجرد ملبي رغبات وناقل معلومات وناشر إعلانات وفوق كل هذا ( خدمة التوصيل للمنزل !؟) وهنا أذكر كيف للأمام مالك أن لقَّن هارون الرشيد موعظة هي بمثابة بروتوكول المعلم وذلك عندما أرسل للأمام مالك لكي يقرأ عليه وعلي ولديه الأمين والمأمون كتابه الموطأ فما كان من الامام مالك أن رد علي هارون الرشيد بقوله أعز الله أمير المؤمنين فإن العلم منكم خرج فإن أعززتموه عز، وإن ذللتموه ذل، فإن أردت فأبعث بولديك إلى مجلس العلم وليجلسا حيث أنتهي بهما المجلس ولا يتخطيا رقاب الناس فإن العلم يؤتي ولا يأتي فقال له الرشيد: صدقت، ثم جاء مع ولديه إلى بيت الإمام مالك وأخذوا عنه الموطأ. تحياتي لمن علمونا وتقديري لكل معلم إنسان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.