محمد عبد الكريم يوسف يكتب | الصمت وحده لا يكفي

0

إذا كانت الأساسيات في الفيزياء والكيمياء وعلوم الطبيعة والبيئة والحياة يقوم على أساس التوازن بين حاجات العقل وحاجات القلب فهذا يعني بالتأكيد أن حاجات العقل تساوي من حيث الأهمية حاجات القلب . وهذا بدوره يؤكد أن الرجل والمرأة صنوان …. ومتى اختل هذا التوازن فسدت المادة والمجتمع…. ومتى استقام التوازن صلحت المادة والمجتمع. ليس من العقل أن تحب عن ابنتك، أن تفكر عن ابنتك، أن تباشر فنون الحياة عن ابنتك … وقد اخترت الابنة لأنني هنا أتحدث عن المرأة …..ليس إلا … وليس انحيازا لفريق دون أخر……
ونحن الرجال عندما نفكر عن المرأة …. ونعبر عن مشاعرها….ونتحدث باسمها ….ونتصرف عنها.
لقد عانى المجتمع البشري عبر سنونه الطويلة من سيطرة الرجال….. وفرض ثقافة الرجال… ودحض ثقافة المرأة… أو حشرها في المرتبة المتدنية الثالثة عشرة …. ويشهد تاريخ العالم صنوفا عديدة من مظاهر الإخلال بالتوازن…. فمثلا أيام الإغريق القدماء لم يُسمح للمرأة بمشاهدة الألعاب الأولمبية….. ولولا تلك الحادثة الجميلة التي فرضت حضور المرأة المباريات ، ربما كانت الأمم المتحدة حاليا تدرج على لوائحها بند حق المرأة في حضور المباريات ……ومنذ زمن ليس بالبعيد كانت النساء البريطانيات تكتب الأدب والشعر والفلسفة بأسماء الرجال…. لأن الانكليز لم يرضوا بالقراءة للسيدات من النساء……وخير مثال على ذلك الروائية الرائعة جورج إليوت.
الأدب النسائي أدب جميل وراق ٍ…. الرواية النسائية جيدة تعبر بصدق عن انفعالات وحياء وأحاسيس المرأة ….وتعالج متطلبات الحياة من منظور نسائي جميل …. والشعر النسائي رقيق… وحساس…. وإذا ما تمت مقارنته بالشعر النسائي الذي يكتبه الرجال لرأينا فوارق شتى تظهر تخلف الرجل عن الركب في التعبير عن مشاعر المرأة ومكنوناتها … اقرأ كوليت خوري وغادة السمان وفاطمة حداد وهند هارون . والطب الذي تمارسه المرأة حنون وإنساني….. يكاد يتفوق على الطب الذي يمارسه الرجل …..
المرأة شيء جميل…. يشكل نصف المجتمع بعدده …. ويربي نصفه الآخر….. وبالتالي هو كل المجتمع…… حصانة الرجل والمرأة متساوية ….. والغواية لا تأتي من طرف واحد ….. إن غواية المرأة إذا سلمنا بأنها غواية لا تتحقق إلا بمواربة ٍ وضعف من الرجال . لذلك هما بنفس الدرجة من حيث المسؤوليات والالتزام ….. والديانات جميعها توحيدية وغير توحيدية خاطبت أتباعها المؤمنين والمؤمنات بنفس درجة الاحترام والحقوق والواجبات .
المؤسف دائما أن المرأة الأم تنتدب نفسها وكيلًا يمارس قسوة التسلط على ابنتها أو أختها….. وتشكك دائما في قدرة وحصافة وحكمة المرأة في تقدير الأمور……. وتحاول جاهدة الارتكاز إلى قواعدها البالية التي تمنحها الدفء والحنين والبقاء بسلام بحالة من الانطواء الذاتي المسالم. المؤسف أيضًا أن الكثير من النساء لا يرغبن بالخروج من هذا القمقم المعتاد.
لقد عرف العالم فرضيات شتى حول قدرة المرأة وقصر نظرها وضعف بصيرتها وهذه الفرضيات تنتفي بمجرد القراءة الهادئة لتاريخ الأمم . نرى المرأة القائدة بلقيس وزنوبيا …. نرى المرأة الحديدية تاتشر وانغل …. نرى المرأة الدبلوماسية كليوباترا ….. نرى المرأة الرؤوفة الأم تيريزا…… نرى المرأة النموذج أمي وزوجتي وابنتي وأختي ….. القدرة والكفاءة والمعتقد تحدده التربية التي عرفتها المرأة من طفولتها ….. فإذا كانت التنشئة ضعيفة….كانت المرأة ضعيفة والعكس صحيح … والرجل لا يرقى في تفكيره ، ويفقد الكثير من توازنه بغياب المرأة ….فما بالك إذا وجُدت حوله امرأة ذكية طموحة محبة قائدة……
الصمت وحده لا يكفي لإعادة التوازن إلى العلاقات البشرية …. علينا أن نشجع المرأة ونتركها تتخذ القرار… التربية الصحيحة أساس فاضل لإعادة هذا التوازن …. لهذا السبب قال أحد الحكماء: من حق الولد على أبيه ثلاثا… أن يحسن تربيته …. وأن يحسن تسميته…. وأن يختار له أمًا صالحة …. وهنا يمكن تطوير قول هذا الحكيم ليصبح: من حق البنت على أمها ثلاث …. أن تحسن تربيتها …. و أن تحسن تسميتها….. وأن تختار لها أبا صالحا ….. الصمت لا يكفى أيها الأصدقاء لنرى المرأة النموذج ….. سيدة في وجه الريح ….

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.