د. وليد عتلم يكتب | الانتخابات الرئاسية .. الكل فائز (2 – 2)

0

على المستوى القانوني؛ بدأ الإعداد وتهيئة المناخ الانتخابي الجيد خاصة لجذب الشباب، مع الإعلان عن مد الإشراف القضائي، الشباب والمرأة كانا حصان الانتخابات الأسود، المرأة المصرية كعادتها في قلب ومقدمة المشهد السياسي والانتخابي المصري منذ يونيو 2013، وأثبتت أنها الفئة الأكثر وعياً بالمشاركة، الشباب كان عازفاً عن المشاركة في البداية. لكن دولة يونيو الجمهورية الجديدة تعاملت مع الشباب على أنه شريك في عملية صنع القرار، استحدثت أدوات جديدة لدمج الشباب في عملية المشاركة السياسية وصنع القرار مثل منتديات الشباب الوطنية ومنتدى شباب العالم من جانب. ومن جانب آخر عملت على دعم وتعزيز قدرات الشباب المصري وتطويرها عبر المؤسسات والبرامج المختلفة وعلى رأس ذلك الأكاديمية الوطنية للتدريب. وكلها مكتسبات أصبح الشباب المصري أكثر وعيا بأهمية الحفاظ عليها في الإطار العام للحفاظ على دولة مستقرة، لكن تبقى الضمانة الأهم والعنصر الأكثر جذبا للنزول والمشاركة ممثلاً في مد الإشراف القضائي الكامل على كافة مراحل العملية الانتخابية وفقاً لنظام “قاض على كل صندوق”، وهو ما ارتبط واستقر في الوعي والوجدان المصري بشفافية ونزاهة العملية الانتخابية.
المادة 209 من الدستور المصري الخاصة بتشكيل الهيئة الوطنية للانتخابات نصت على أنها مكونة من عشرة أعضاء جميعهم من القضاة، ويختارهم مجلس القضاء الأعلى، والمجالس الخاصة للجهات والهيئات القضائية المختلفة، بما يؤكد أن تشكيل الهيئة الوطنية المشرفة على الانتخابات من القضاة، وأنها هيئة مستقلة، ثم جاءت المادة 210، من الدستور والخاصة بالهيئة الوطنية للانتخابات تركت الباب مفتوحاً أمام الهيئة الوطنية وقانون الانتخابات للاستمرار في الإشراف القضائي الكامل من عدمه بما لا يتعارض مع الدستور في كل الأحوال سواء أكان ذلك إشرافا قضائيا كاملا أم لا، وذلك بعد انتهاء الفترة الانتقالية التي حددها الدستور بعشر سنوات، والتي كانت تنتهي في 17 يناير المقبل.
هنا كان دور الحوار الوطني الذي لمس كمنصة وطنية جامعة لكافة ألوان الطيف السياسي المصري رغبة عامة لدى جميع المشاركين به حول أهمية مد الإشراف القضائي الكامل، فكانت استجابة الرئيس عبد الفتاح السيسي السريعة لمقترح مجلس أمناء الحوار الوطني بإجراء تعديل تشريعي يسمح بالإشراف القضائي الكامل على العملية الانتخابية، بإجراء تعديل تشريعي في قانون الهيئة الوطنية للانتخابات، وبالتحديد على نص المادة (34) بما يعني الاشراف القضائي الكامل على العملية الانتخابية بكافة مراحلها، وهي إحدى ثمار الحوار الوطني الناجحة، المؤسسة والمهيئة لما نشهده من مناخ انتخابي جيد، انعكس بالإيجاب وترجمه الشعب المصري بنسب مشاركة مرتفعة. لأنه استقر في وجدان الشعب المصري أن الأشراف القضائي الكامل هو أحد الضمانات الرئيسية لشفافية ونزاهة العملية الانتخابية، لما للنظام القضائي المصري ثقة واحترام كبير لدى عموم المصريين.
على المستوى التنظيمي والإداري؛ شهدنا ولمسنا مستوى مرتفع من الكفاءة الإدارة للعملية الانتخابية، الهيئة الوطنية للانتخابات ــ ولها كل الشكر ـــ مع الجهاز الإداري المعاون عملت على توفير كل ما يلزم لتهيئة المناخ الانتخابي في ضوء الحضور الكثيف المتوقع، خاصة فيما يتعلق بالناخبين من ذوي الهمم.
على المستوى الديمقراطي العام؛ أرى أن انتخابات الرئاسة 2024؛ هي دلالة مهمة فيما يتعلق بدورية عقد الانتخابات والاستحقاقات الدستورية، وفقا للمواعيد الدستورية المقررة، والمشاركة المتعددة من مختلف القوى والأطياف السياسية؛ ترشحا، وانتخاباً، وتصويتاً هي أحد المؤشرات المهمة على التقدم في مسار التحول الديمقراطي وجودة الديمقراطية.
لذلك؛ فإن مكتسبات وايجابيات انتخابات الرئاسة 2024 تتجاوز مجرد فكرة المشاركة الكثيفة والاصطفاف خلف الدولة المصرية، هي فوائد ممتدة لها آثارها وانعكاساتها الإيجابية في المستقبل القريب والبعيد. وهي محطة مهمة على مسار التطور الديمقراطي يجب استغلالها والبناء عليها للمستقبل، ومصر هي من خرجت فائزة من تلك الانتخابات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.