محمد الأسيوطي يكتب | الرقابة الذاتية.. مخرج من الأزمات

0

تُعَدُّ الرقابة الذاتية، من أنفع أنواع الرقابة وأكثرها تحضرا، وبها يكون صلاح الفرد والمجتمع، وتزداد الحاجة إليها في زماننا هذا، أكثر من أي وقت مضى؛ نظرا لانتشار الانحراف، وغياب الأخلاقيات، وندرة القدوة الحسنة، بالإضافة إلى تصدر نماذج لم نكن نتمنى تصدرها، نتيجة عصر السماوات المفتوحة.
والرقابة الذاتية، هي مراقبة الشخص لنفسه، وكل سلوكياته، وأقواله، ووقوفه أمامها، والتفكير فيها، وفي ملاءمتها للمحيط من حوله، ويتجنب- بناء على وقوفه ومراقبته هذه- الأفعال الخاطئة، ويختار الأفعال الصحيحة المناسبة للمجتمع الذي يعيش فيه، ويستطيع من خلالها- الرقابة الذاتية- التحكم بعقله وضميره في رغباته وشهواته وعواطفه، وفق الضوابط الأخلاقية والمجتمعية المحيطة به.
بمعنى أن الإنسان يقيد نفسه بمجموعة من الأفكار والقيود، وجعلها صفة ذاتية له، يواكب بها المجتمع ومتغيراته، يستمدها من الدين والأخلاق والعادات والتقاليد وثقافة مجتمعه وقوانينه.
وسُمِّيَت -الرقابة الذاتية- بهذا الاسم؛ لأنَّها تحكُّم شخصي وذاتي بالنفس، دون تدخل أو توجيه أو مراقبة أي طرف خارجي،
وهناك رقابة ذاتية أصلية وفطرية تولد مع الإنسان، وأخرى تُكتسب ويتعلمها من التربية والتعليم والتجارب والالتزام بالقوانين.
ومن أهم أساليب تنمية الرقابة الذاتية ونشرها مجتمعيا :
– التدين ومراقبة الله- عز وجل- في السر والعلن.
– الإحساس بالمسؤولية الفردية والمجتمعية والتي ترتقي بالسلوك.
– تغليب المصلحة العامة وربط الأفعال الفردية بها.
– عدم التقليد الأعمى وخاصة في عصر السماوات المفتوحة وانتشار الأفكار الشاذة والنماذج السلبية.
وهناك دور كبير للفرد والأسرة والمجتمع والمؤسسات الدينية والوطنية في تنمية الرقابة الذاتية للفرد والمجتمع، حيث أن المسؤولية مشتركة والجميع يشترك في الحصاد،
ويقع على عاتق الأسرة الدور الأكبر في زرع الرقابة الذاتية في الطفل،
وتُكمل المدرسة الزرع والبناء؛ من خلال المراحل التعليمية المختلفة، وغرس القيم والإحساس بالمسؤولية،
ثم يحدث النضوج الكامل، من خلال المؤسسات الدينية والوطنية التي تنشر وتوعِّي وترعَى هذه القيمة الروحية، من خلال «الحملات التوعوية، والبرامج المتراكمة، والثواب والعقاب، وتكريم النماذج الإيجابية» ليقتدي بها الجميع، مما يعود ببالغ الأثر على المجتمع كله.
وختاما.. يكون دور القوانين الرادعة مهما في إلزام الجميع وإجبارهم على الالتزام، فتتحول عاداتهم إلى أمور نافعة، وتصبح ثقافة ونمط حياة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.