طارق الزملوط يكتب | حرب بلا أخلاق وإنسانية

0

إذا تأملنا كل العصور المختلفة نجد أن كل التشريعات والقوانين تدعو إلى احترام المبادئ الأخلاقية في الحروب. وكان السائد هو إعلاء قيم الإنسانية والرحمة، فظهر ذلك في كل التشريعات القديمة مثل قانون حامورابي وغيره والتشريعات الهندية القديمة مثل قانون “مانو”، الذي كان سائدًا في الهند حوالي العام 1000 ق.م. قد أوجب على المحارب “ألا يقتل عدواً استسلم, ولا أسير حرب, ولا عدواً نائماً أو أعزل, ولا شخصاً مُسالماً غير مُحارب, ولا عدواً مشتبكاً مع خصم آخر”، كذلك جاء الإسلام ولم يترك الحرب هكذا دون قيود أو قانون يحكمها، وانما جعل الحروب مضبوطة بالاخلاق ،فهي كانت ضد الطغاة لا ضد الأبرياء والمسالمين ومن أبرز الضوابط الأخلاقية التي جاء بها الاسلام ( عدم قتل الشيوخ والنساء والاطفال ، عدم قتل المتعبدين ، وعدم الغدر ، عدم الافساد في الأرض ،معاملة الاسري افضل معاملة ، عدم التمثيل بالميت ) ، فسياسة الاسلام في الحرب جاءت بالاعتبارات الأخلاقية والشرف والإنسانية ، ونري أيضا ما فعله كثير من القادة العسكريين المسلمين في التعامل بسماحة واخلاق في الحروب ومن أبرزهم السلطان صلاح الدين الايوبي الذي ضرب أعظم الأمثلة في حسن التعامل مع أعداءه وحسن معاملته للأسرى من الصليبيين ، كذلك إذا نظرنا إلى الحضارة الأوروبية في القرون الوسطى نجد أنه ظهرت أيضًا قيم الاخلاق في الحروب وذلك من خلال حمايتهم للنساء وإغاثة الملهوف وعدم مهاجمة الفارس الذي يسقط عن فرسه ، أمور كثيرة ومبادئ أخلاقية عظيمة كانت أساس للقانون الدولي الإنسان.
ويقوم القانون الدولي في الإسلام، والقانون الدولي الإنساني، على جملة من المبادئ المهمة المشتركة كمبدأ “الإنسانية”، و”التفرقة” بين الأهداف العسكرية من جهة، والأشخاص المدنيين والممتلكات أو الأعيان المدنية من جهة أخرى، كذلك حماية الأسري والجرحي وعدم التعرض للأطفال والنساء والشيوخ
وتفرض أحكام القانون الدولي الإنساني على الأطراف المتحاربة احترام الضمانات الواردة في مواثيقه، وتقيِّد أو تحظِّر استخدام وسائل، وأساليب، وأسلحة معينة، في القتال. والقانون الدولي الإنساني، وإن كان لا يمنع الحرب، ولم يتجاهل ضروراتها، إلا أنه يسعى إلى الحدِّ من آثارها حرصًا على مقتضيات الإنسانية، ويدعو إلى “التفرقة” بين الأهداف العسكرية، والأشخاص المدنيين، والممتلكات، أو الأعيان المدنية، وإلى “التناسب” في القيام بالأعمال الحربية.
ولكن ما نشاهده في هذه الأيام من حروب وخاصة حرب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة نتج عنها الآلاف من الضحايا والدمار ، نجد استهداف للمدنيين بشكل مباشر، حيث إن الأسلحة المستخدمة أيضاً والقصف يتم بالوسائل التكنولوجية المدمرة التي تبيد الآلاف من البشر بكل سهولة و في أقل وقت دون الأخذ في الاعتبار لأي إنسانية أو الأخذ بمبدأ واحد فقط من مبادئ أخلاقيات الحروب الموجودة في القانون الدولي الإنساني، فنري عدوانًا ظالمًا ينتهك كل الاعتبارات الإنسانية وحقوق الإنسان، نري قتل الشيوخ والنساء والاطفال بأعداد كبيرة بدون اي ذنب، كذلك تخريب الممتلكات العامة والخاصة والمساكن بأطنان المتفجرات الغاشمة التي لا تفرق بين أحد ، نري أيضاً تجريف الجثث والتمثيل بالموتي دون الأخذ في الاعتبار لاحترام خصوصية وقدسية الموتي ، نري استهداف مباشر ومتعمد للصحفيين وأطقم الأطباء والمسعفين ، نري تدمير للمستشفيات وسيارات الإسعاف ، نسمع كل يوم تصريحات من مسئولين دوليين بأن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة يعني من تهديد للأمن الغذائي والصحي وهناك الكثير من يحذر بأنه يمكن أن تنتشر الاوبئة والامراض بشكل كبير بسبب عدم توافر كافة الحقوق الصحية ،ما نراه في هذه الحرب هو انتهاك كبير لكافة مبادئ القانون الدولي الإنساني وانتهاك لكافة القيم الإنسانية ، مما يستوجب ضرورة وقف هذا العدوان ومحاكمتهم علي كافة هذه الجرائم ضد الإنسانية ، فأين حقوق الأبرياء والمسالمين؟ أين حقوق الأطفال والنساء والشيوخ ؟ اين حقوق الصحفيين؟ أين حقوق المسعفين وأطقم الأطباء؟ أين حقوق الإنسان ومن ينادي باحترامها؟ فحقا هي حرب وعدوان بلا اخلاق أو احترام للإنسانية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.