ميشيل زهرة يكتب | البيتكوين ..العملة الرقمية العالمية

0

مذهل هذا العقل البشري ..لا يسعك إلا أن تخشاه إذا انطلق من عقاله ..و لا يسعك إلا أن تطالب بانطلاقته إذا كان ثمة من يضع الأحجار في دربه لعرقلة مسيرته ..!! منذ عام 2009 صدرت العملة الإلكترونية ( بيتكوين ) و انتشرت في العالم كعملة رقمية عالمية ..يومذاك كانت قيمة البيتكوين أقل من دولار ..و لكنها بدأت بالتصاعد ، و النزول أحيانا في الخط البياني التصاعدي ذاته ، حتى صارت في عام 2017 تساوي خمسة آلاف دولار ..و لكن لا بد من الإشارة هنا إلى أسياد هذه العملة الرقمية : الصين ، و الولايات المتحدة ، و اليابان ، و أوروبا ، و بعض الدول العربية الخليجية بشكل مختلف قليلا . هذه العملة الجديدة تنبيء بأن العالم بدأ يصبح قرية صغيرة حقيقية ..و إن العقل العالمي بدأ يتقبل العالم الرقمي الجديد بمحبة و تفاعل حميم ..و إن العقل الذي أنتج الثورة الصناعية الأولى ، و الثانية ، و الثالثة ، بدأ بتقويض دعاماته القديمة ، ليعيد البناء على أسس أكثر استجابة لمتطلبات العصر الرقمي ( الثورة الصناعية الرابعة ) الذي يفوق تصور الإنسان العادي في منطقتنا العربية و العالم.
هل يمكن لمن يفكر في مصير الاقتصاد العالمي ، أن يتخيل : إن شركات محلية هائلة العدد ستعلن إفلاسها ، كما أفلست شركة ( كنون ) للتصوير الورقي بين ليلة وصبحها ، و تحول التصوير إلى رقمي .؟؟ فهل سنعمل يوما إلى شراء البيتكوين ، تلك العملة الرقمية ، لنشترك في النت عبر شركة رقمية عملاقة غير معروفة الانتماء وطنيا ، تعمل من خلال الأقمار الصناعية ، و تعطيك سرعة هائلة ، غير عابئة بالحكومات الوطنية و شركاتها المستغلة ، و ممنوعاتها في دخول المواقع ، و غير ذلك . ..؟؟ ثم ماذا يعني ذلك ..؟ هل فكرة الوطن القومي أصبحت في خبر كان بعد هذا التطور المذهل ..؟؟ ماذا عن اللغات الوطنية و القومية في ظل النت الذي يتوجه بالإنكليزية إلى شعوب العالم ، و التي مفرداتها ، و مفاهيمها بدأت تنهش كبد هذه اللغات لتغتالها .؟؟ ماذا لو تأتمتت الصناعة في الدول الإقطاعية الكبرى ..الصين ، أمريكا ، و اليابان ..؟؟ ماذا سيُفعل في تلك الأفواه التي ترميها الأتمتة الرقمية في الشوارع بلا عمل ..؟؟‏‏ هل سيُحَولون إلى ملفات في أجهزة يرمى بها في سلات القمامة الإلكترونية ، كما تحول الكتاب ، و الفيديو ، و المسجلة ، و الكميرا ، و آلة التصوير ، و غيرها كثير ، و القادم أعظم ..!؟؟ أم أن الفيروسات التي سترسل عبر الأجهزة المستخدمة ستقوم بالواجب لإزاحة هذه الأرواح التي لفظها العالم الرقمي ، إلى الشوارع و المقاهي ، في ظل الثورة الصناعية الرابعة ، بالمرض و العقم ..؟؟ لكن ، ما يجب على العالم ، رغم كل ما نشعر به في ظل هذه التغيرات العميقة ، أن يغير من عواطفه ، و طريقة تفكيره ، بتغيير المفردات اللغوية المستخدمة في الخطاب الثقافي ، و السياسي ، لأن الاقتصاد يوجه العالم بلجامه الذي لا يسمح لنا ، بسببه ، أن نحيد عن نسقه كما لو أننا حصان في عربة يقودها الاقطاعي العالمي!‏

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.