زينب محمد عبد الرحيم يكتب | مظاهر الإبداع في الطب الشعبي

0

أنَّ مظاهر وممارسات العلاج بواسطة الطب الشعبي هي أحد موضوعات التراث الإنساني عميق الجذور والذي يجمع بين المعارف والمعتقدات وأيضًا العادات الشعبية الأصيلة والتى تحويها ثقافتُنا الشعبية ,وهذه الممارسات العلاجية أكثر مايميزها هو الإبداع والذي يتجسد في المُعالجين الشعبيين ومدى براعتهم في هذا المجال وأيضًا تأثيرهم على من يلجأ لهم .

وهناك عدة أنواع تندرج تحت الممارسات العلاجية الخاصة بالطب الشعبي مثل العلاج الطبيعي والذي يتمثل في التدليك ,الحجامة والكي …إلخ ,وهناك ما يُعرف بالطب الشعبي والعلاج بالأعشاب Herbal والذي تُستخدم فيه المواد والنباتات العُشبية بكافة أنواعها والذي يتخصص فيها كبار العطاريين أو من لديهم معارف متوارثة ومتواترة عبر الزمن وما أكثر أستخدامنا للطب العُشبي حتى يومنا هذا ويُعتبر أكثر سلامة على صحة الإنسان من الأدوية الكيميائية ولكن لا يعني ذلك الاعتماد الكُلي دون اللجوء للطبيب.

ولدينا أيضًا الطب الشعبي السحري والذي يُستخدم فيه الرقى والتعاويذ…إلخ والمعالجون الشعبيون لهم دورًا أساسيًا في الحفاظ على الممارسات العلاجية الشعبية واستمرارها ويزداد هذا الدور أهمية عندما يقدمون هذه الخدمة العلاجية بمقابل مادي ويكون الطب الشعبي مصدر رزق لهم وسأذكر بعض الأمثلة التي توضح للقارئ من هم المُعالجون وماهيّ تخصصاتهم في مجال الطب الشعبي .

“الحلاقون المُعالجون ” فالديهم العديد من الممارسات العلاجية التقليدية مثل الفصد ,والحجامة وإعطاء الحقن ومعالجة الدمامل , ولدينا مثال أخر وهو “الداية” ونحن جميعًا نعرف أن للداية دور رئيسي في توليد النساء ولكن الأمر اختلف في وقتنا الحاضر بالاعتماد على الطبيبات وأطباء النساء والتوليد , ولكن بالدراسة الميدانية يتضح أن الدايات لازلنَّ يمارسن تلك المهنة ولكن بأسلوب أكثر تطورًا عن العصور السالفة والكثير من النساء يعتمدن بشكل أساسي عليهن أثناء الولادة .

اما عن خُدام الأضرحة والأولياء فقد أبتدعوا لأنفسهم أسلوبًا خاصًا في العلاج هناك شواهد ميدانية تؤكد ذلك وهو أن ينصح المريض بأن يعطيه في ليلة الجعمة شيئًا من متعلقاته(المريض) كقطعة ملابس مثلا والباقي على خدام الضريح حيث يتولي هو الأمر واضعًا تلك الملابس أعلى مقصورة الضريح حتى صلاة الجمعة وبعدها يسلم الشئ لصاحة ويتلقى الأجر ويطلب من المريض أن يرتدي هذه الملابس “وببركة صاحب المقام يتحقق الشفاء”

هذا الدور العلاجي لبعض خدم الأضرحة لو تأملناه جيدًا سنجده عادة قديمة والكثير سمع عنها وربما لجأ إليها أيضًا وهذا الدور العلاجي ينطوي على دلالات عميقة فهو ليس مجرد وسيلة ينتفع بها هؤلاء وتكون باب رزق جديد لهم وإنما الأمر في حقيقته يتجاوز ذلك ويتعلق بأوضاع المعتقدات الشعبية بوجه عام ومظاهر الاعتقاد في كرامات ومدد الأولياء بوجه خاص .

المياه المباركة عند السلطان الحنفي

وهناك شاهد ميداني أخر قمتُ برصده يدخُل في إطار العلاج وهو الاعتماد على المياه الموجودة في مسجد الجنفي بالسيدة زينب بنائه تاريخي ويأتي إليه الناس من كل حدبٍ وصوب طلبًا للماء وقصة هذا الماء يإجاز إنه بئر من زمزم حيث يروي شيخ الجامع شفاهيًا قصة متواترة عن هذا البئر فيذكر أن السلطان الحنفي ذهب ليحج وهو عند بئر زمزم أضاع إناء كان يشرب به وعندما عاد في ليلة ما بعد مرور فترة طويلة وجد هذا الإناء في البئر الموجود حاليًا داخل المسجد وهذه هي أقدم الروايات عن البئر ,و هذا المسجد والبئر يتجاوزعمرهم الزمني ال 700 عام اي أكثر من سبعة قرون من الزمن وهو مُدرج ضمن الأثار المصرية الإسلامية , ولكن الوعي تغير خاصةً فيما يخص الأمراض المستعصية والعلاج فاللعلم والطب اليد الطولى في العلاج بإذن الله تعالى.

العودة للطبيعة

ولا يمكننا أن ننكر إنَّ هناك وعي عام للميل نحو الطبيعة فكل شئ من حولنا أصابه التلوث حتى المياه والهواء وكل ذلك بسبب الغازات السامة من المصانع والسيارات وكثرة استخدام المواد الكيماوية في الزراعة وقد ساعد ذلك على حتمية العودة للطبيعة والأرض من خلال الأعشاب ومواد العطارة ومن وقت لأخر تكتسب الممارسات العلاجية الشعبية مزيد من الدعم حتى نجد إن في فترة انتشار الأمراض والأوبئة وعجز الطب عن تهدأت الناس بوجود علاج أو مصل ,يتجلى الطب الشعبي بإبداعاته لتهدأت الهلع الشعبي وكأنما تقول لنا الطبيعة إنها لاتزال بخير وتحتضن الإنسان رغم كل ممارساته ضد الطبيعة الأم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.