محمد عبد الله يكتب | تحديات الأمن القومي المصري (1 – 2)

0

واجهت مصر عبر تاريخها العريق والى الان العديد من المخاطر والاطماع ، كانت تستهدف محاولة السيطرة عليها إما للحصول على خيرات خزائن الارض او للسيطرة على موقعها الفريد وبالتالى السيطرة على عصب الحركة بين الشرق والغرب والسيطرة على المنطقة باكملها من بوابة مصر . واستمر نضال الشعب المصرى وجيشه اللذان لطالما افشلا تلك المخططات والاطماع على صخرة رباطهم وبأسهم.

اما فى العصر الحديث فالحروب التى خاضتها مصر وتخوضها الآن هى حروب ليست فقط للسيطرة عليها ولكنها حروب وجود يهدف مخططوها ومنفذوها الى تفتيت مصر وتقسيمها وتهديد وجودها ، فقد ادركوا انه طالما مصر بخير ستظل سدا منيعا امام احلامهم وتطلعاتهم. وحصنًا منيعًا لقضايا الأمة العربية، وأنه لا سبيل الى ذلك الا بجعل هذه الارض مقسمة وهذا الشعب ممزق اما لاجئ او متناحر لا قدر الله.

لذلك وبنظرة على خريطة العالم والمنطقة، يستطيع أى عاقل منصف أن يرى حجم التهديدات الغير مسبوقة والحصار الممنهج للدولة المصرية ، فى تحد وجودى لامنها القومي على جميع الاتجاهات الاستراتيجية ، فى محيط ملتهب من الدول المنهارة التى تنهش الميليشيات دماء شعوبها ويسيطر وكلاء الاستعمار الحديث على مقدراتها . فى اطار صراع دولى عنيف وغير مسبوق بين الافيال الدولية الكبيرة يمثل السبب الاهم والاكبر فى ما يحدث الان على الساحة الدولية.

إذا أمعنا النظر اكثر لنحلل مضمون هذه الاخطار المحيطة بالدولة المصرية نرى ان هناك من  يحاول تقييد مصر وتطويقها من خلال اطواق عديدة فى اتجاهات مختلفة ، تمثل هذه الاطواق اهم التحديات الاستراتيجية للامن القومي المصرى حاليا . وتدرك مصر هذه الاستراتيجية المعادية وهذه التحديات وتعمل من خلال مؤسساتها ورجالها على مواجهة عمليات التطويق تلك وافشالها ويتكبدون فى ذلك المشاق الضخمة ويبذلون جهودا مضنية للحفاظ عى استقرار مصر وشعبها.

أول هذه التحديات فى السودان ومحاولة جعل الامتداد التاريخي لمصر وأمنها القومي جنوبا مهدد وغير آمن عبر اشعال ازمة طاحنة بين ابناء السودان بعد ان تم تقسيمه على يد الجماعة الارهابية التى كانت تحكمة ثم نشوب نزاع بين جيشه الوطنى ومليشيات ارهابية مدعومة من قوى لا تريد الاستقرار للسودان ونهب خيراته وخاصة الذهب ، فى صراع ضحيته الاولى هو الشعب السوداني الذى لاقى القتل والتنكيل والتشريد فى اتون ذلك الصراع ، وتبذل مصر جهودا ضخمة لانهاء هذا الانقسام والدفع نحو عملية سلام وتصالح بين ابناء الوطن الواحد لتامين الجبهة الجنوبية.

ثانيا فى الغرب تواجه الدولة الليبية خطر التقسيم الأممي الرسمي بعد أن تم تقسيمها على الأرض بين قوة فى الشرق وأخرى فى الغرب واستبيحت الارض والسيادة الليبية من دول اقليمية وغير اقليمية تسعي الى جعلها ارضا محروقة وارض صراع بين هذه القوى للسيطرة على مقدراتها من جهة واشعال الجبهة الغربية لمصر من جهة أخرى. وتعمل مصر على إخماد الفتنة بين الأشقاء الليبيين وتقريب وجهات النظر بينهم ورفض اى تواجد عسكرى لدول اقليمية على ارضها والدفع دائما نحو استقرار ليبيا ووحدة شعبها .

ثالثًا فى الشمال حيث المقدرات المصرية فى حقول الغاز المكتشفة حديثا والتى تسعي مصر من خلالها ومن خلال بنيتها الاساسية الضخمة فى هذا المجال ان تكون مركزًا إقليميا للطاقة، وفى ظل تنافس وصراع اقليمي بين دول هذه المنطقة على هذه الاكتشافات ومحاولات تهديد امن مصر فى الغرب والجنوب  للخضوع لرغبتهم فى إعادة ترسيم الحدود واعادة توزيع الثروات المكتشفة إلا أن مصر أدارت هذا الملف بمنتهي الاحترافية وأفشلت كل التهديدات التى صنعتها قوى إقليمية فى الغرب فوضعت مصر الخط الأحمر سرت الجفرة وفى الجنوب على سواحل البحر الأحمر حيث منعت إقامة أى قواعد عسكرية فى سواحل السودان لتطويق مصر واخضاعها فى الشمال. والآن تحاول كل دول هذه المنطقة فى الشمال مد يد التعاون مع مصر وكسب ودها.

رابعًا فى النسق الأول من الشرق تواجه قناة السويس التى تعتبر من أهم مصادر الدخل القومى المصرى العديد من التحديات فى اطار الصراع الدولى الدائر أولا بشكل مباشر حيث تسبب الصراع بين الحوثيين والتحالف المشكل لمواجهتهم فى جنوب البحر الأحمر وقيام الحوثيين بعمليات تفجير السفن المتوجهة الى قناة السويس إلى احجام العديد منها عن العبور فى القناة مما تسبب فى خسائر مالية كبيرة للقناة تقدر بملايين الدولارات يوميا وتحاول مصر من خلال وسائلها الدبلوماسية وعلاقاتها الامنية العمل على تهدئة الاوضاع الملتهبة فى هذه المنطقة والتعزيز الحثيث لوجودها العسكرى فى منطقة القرن الافريقي دون الانجراف الى فخ الصراع الذى قد تكون تكلفته اكثر بكثير من خسائر قناة السويس.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.