شيماء محسب تكتب | تآكل الهوية

0

إن تآكل الهوية عملية خفية ناجمة عن التأثير التراكمي لاختياراتنا اليومية وبمرور الوقت، تعمل هذه العملية على إضعاف فهمنا لهويتنا الحقيقية وتعوق قدرتنا على إقامة علاقات ذات مغزية

حيث حذر تقرير صدر منذ فترة عن المعهد العربي للتخطيط بعنوان «المخاطر الاجتماعية في دول مجلس التعاون وسياسات المواجهة»، حذر من الاعتماد المفرط على العمالة الوافدة، والبطالة، والتشتت الأسري وخطورة تآكل الهوية. وهذا التقرير ليس الوحيد فهناك تقارير كثيرة صدرت من جهات مختلفة كانت تحذر من تآكل الهوية بسبب العمالة الوافدة التي يصل أعدادها ثلاثة أضعاف أو أكثر عدد المواطنين غالبيتهم عمالة غير عربية ينقلون عاداتهم وثقافاتهم ونظم حياتهم بطريقة تؤدي إلى مشاكل اجتماعية مختلفة.

الأخطر هو تداعيات التركيبة السكانية المختلفة على الهوية الوطنية سواء في أبعادها المؤثرة سلباً على تفعيل دور المواطن تجاه معالجة مشكلات التنمية، وأهمية انخراطه في مختلف مجالات هذه التنمية التي تقدرها الخطط، وتضع لها المشروعات المفترض أن تنجزها القوى العاملة الوطنية بدل استمرار الاعتماد على عمالة وافدة لها ثقافاتها وأعرافها وطبائعها التي في حالات كثيرة لا تتفق مع الاتجاهات العامة للمجتمع.

إن أخطر ما يواجه تآكل الهوية ظهور الهويات الطائفية التي تريد أن تحل مكان الهوية العامة عمومًا فالازدواجية في الجنسية أو تزويرها هي صور تعبر عن ظهور  هويات جديدة، لكن هذه الهويات أيضاً تلعب على النواحي الدينية والطائفية والقبلية منتهية كعادتها في صراعات لن تنتهي، مستغلة كما هو حاصل ظاهرة التطرف، واللعب على التناقضات بين هويات فرعية والهوية الوطنية.

هذه الأشكال المختلفة المؤثرة في تآكل الهوية يجب أن تكون محل اهتمامات الدول، وأن نأخذ صفة الأولوية قبل أن تزداد الأمور تعقيداً وخطورة، خاصة وأن انعكاساتها الحالية تدل على تفاقمها وتجاهل معالجتها رغم كثرة التصريحات الحكومية تجاه معالجة التركيبة السكانية التي يرى البعض أنها تحتاج إلى عشرين سنة، بينما البعض الآخر يؤكد على معالجتها في غضون أربع سنوات

 تُعتبر الهوية الوطنية سلاحًا قوميًا والحفاظ علي الهوية يعتبر حاجة أساسية للتحقيق مجموعة من النتائج و أهمها التماسك الوطني و التنظيم الاجتماعي والدفاع عن الأوطان والأمم نتيجة للتماسك الداخلي يتحد المواطنون لتشكيل قوة خارجية للدفاع عن الأوطان وحمايتها ضد العدوان الخارجي وأيضًا تعزيز المشاركة الجماهيرية الحفاظ على الهوية الوطنية يعزز مشاركة الأفراد في السياسات وصناعة القرارات الديمقراطية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.