وليد عتلم يكتب | مَأسَسة تمكين الشباب

0

المَأسَسة” تعني في معناها البسيط تعني إضفاء الطَّابع المؤسَّسيّ على النشاط، أو المجال المتعلق بجماعة، أو منظمة، أو قطاع معين على المستويين التنظيمي والعملي. وهي عملية تحويل الأفكار إلى برامج تشغيلية، يتم قبولها كطرق فعالة لتحقيق الأهداف المتفق عليها، في سياق حوكمة أي نظام أو قطاع حيث تعد المؤسسية آلية رئيسية لإنشاء مؤسسات مسؤولة وشفافة، وهي ضرورية لتحقيق مرونة النظام واستدامته. على مستوى الشباب ما نعنيه بالـ “المَأسَسة” هو وجود خطط واستراتيجيات مستدامة لدمج تطلعات وأهداف الشباب، وتعزيز مشاركتهم في الشأن العام.

مصريا؛ كانت الحاجة ملحة لاستغلال الحراك المجتمعي والسياسي ما بعد يونيو 2014؛ وإطلاق تجربة جديدة يوظف فيها التفوق النسبي في عنصر الخبرة، على أن يتم تخطيط هذه التجربة على مدى زمني ممتد، وبمنظور واسع يأخذ مختلف المتغيرات في الاعتبار بما في ذلك المتغيرات الخارجية. واستغلال ما أظهرته التجارب الحالية من تفضيل الشباب المشاركة والنفاذ عبر كيانات خاصة بهم، عوضا عن الأحزاب السياسية، التي قد لا تزال تنظيمات غير جاذبة لعنصر الشباب. والهدف تعبئة وتنظيم طاقات الكيانات الشبابية بحيث يعمل ذلك التضامن بين الكيانات على إيجاد مساحة آمنة غالبًا ما تكون غير موجودة داخل الأحزاب الفردية بسبب الافتقار إلى الديمقراطية داخل الحزب، للمشاركة والحوار الشبابي البناء.

لذلك عملت الدولة المصرية على التركيز على تعزيز قدرات الشباب من خلال تنمية المهارات القيادية وتحسين الاتصال وإنشاء شبكات أمان للتعبئة. والتأكيد على القيم التي أقرتها القيادة منذ يونيو 2014، والتي اتخذت نهجًا شاملًا لتنمية القيادة الشبابية يمزج بناء القدرات السياسية والاقتصادية مع نهج شامل لتطوير وتعزيز القدرات. وذلك بهدف توسيع قاعدة مشاركة الشباب واستعدادهم للمشاركة رغم التحديات. لذلك؛ انتهجت الدولة المصرية ما بعد 2014 سياسة التمكين الإيجابي الكامل والفاعل للشباب؛ سياسيًا، اقتصاديًا، واجتماعيًا. انطلاقا من أن الشباب هم رأس المال الحقيقي للدولة المصرية، وما يستتبع ذلك من أهمية المشاركة المدنية للشباب ومشاركتهم في عملية صنع السياسات، باعتبارهم الرئيسية المحركة للتنمية. لكن مع الابتعاد عن الأطر التقليدية ممثلة في أمانات الشباب بالأحزاب وفتحت الباب أمام أنماط جديدة من الكيانات والتنظيمات الشبابية تعكس مدى حيوية واستقلال قطاع الشباب المصري. تاريخيًا؛ ارتبط ظهور التنظيمات والمنظمات الشبابية في مصر بنشأة المجتمع المدني والأهلي في مصر عام 1821، ثم تطورت الفكرة مع معرفة مصر النقابات العمالية والمهنية بتأسيس نقابة المحامين أمام المحاكم المختلطة 1876، ثم نقابة المحامين أمام المحاكم الأهلية 1912، وتبلورت ملامح المنظمات الشبابية بمفهومها التقليدي مع الاحتلال البريطاني لمصر 1882، ثم تبلور مع بداية القرن العشرين تحديدا مع ومع إنشاء أول جامعة مصرية في 1908 تحت اسم “الجامعة المصرية”، ثم دستور 1923 وما منحه من حريات مدنية لم تشهدها مصر من قبل، واقترن نشاط التنظيمات الشبابية الرئيسي ما قبل ثورة يوليو 1952 وما بعدها بالعمل الوطني ومقاومة الاستعمار والعدوان. ومن أبرز المنظمات الشبابية في التاريخ المصري: جمعية الشبان المسلمين 1927 -منظمة الشباب الاشتراكي 1966. وحديثًا: تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين – اتحاد الكيانات الشبابية – البرنامج الرئاسي – منتدى شباب العالم. وعبر تلك الكيانات الشبابية كان العمل على خلق سلوكيات ديمقراطية تتعلق بقضايا محددة، والتأكيد على التحفيز والتعبئة، ورفع مستوى الوعي الوطني تجاه مختلف القضايا والتحديات بشكل عام. والوعي بمختلف التحديات التي تواجه الدولة المصرية.

هذا التحول في أنماط التنظيمات والكيانات الشبابية، نقل استراتيجيات تمكين الشباب المصري إلى مرحلة المؤسسية، حيث أصبحت غالبية الأنشطة الشبابية ذات أهداف واضحة ومعبأة في خدمة أهداف التنمية المستدامة، في إطار تمكين حقيقي وفاعل. في المقابل على الشباب المصري أن يستغل هذه الفرصة الحقيقية للتمكين والتي تتضافر وتتشابك فيها كافة جهود مؤسسات الدولة مع المجتمع المدني من أجل مساحات ومجالات أوسع للتمكين، وهي فرصة لم تتاح لأجيال كثيرة. وأن يكون الشباب أكثر وعيا بمحددات المرحلة خاصة فيما يتعلق بالتحولات الجذرية التي يشهدها العالم على مستوى التعليم وأسواق العمل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.