محمد عبد الله يكتب | تحديات الأمن القومي المصري (2 – 2)

0

مازلنا مع التحديات الاستراتيجية الراهني للأمن القومي المصري:

خامسا فى النسق الثاني من الشرق تبرز القضية الفلسطينية وامن سيناء وهي القضية المحورية والاهم للامن القومي المصرى والتى تعاني من تجاذبات وتاثيرات كبيرة لصراعات دولية بين القوى الكبرى وتنافس نفوذ اقليمي بين القوى الاقليمية وبين طموحات واحلام واهمة للدولة العبرية ، وبناء على ذلك كله تعد هذه القضية بالذات بالغة التعقيد والحساسية والخطورة فالمنطقة من جنوب لبنان وحتى رفح على حدود مصر تعد منطقة صراع دولى بين الممرات الاقتصادية والتجارية الغربية الجديدة (الممر الاقتصادى الهندي) والمخطط ان ينتهي فى ميناء حيفا الاسرائيلي ثم الى أوروبا ويكتمل بإنشاء قناة موازية لقناة السويس، أمام الممرات الاقتصادية للقوى الشرقية (الحزام والطريق الصيني) والذى يمتد من الصين الى جنوب البحر لاحمر ثم مرورا بقناة السويس الى اوروبا، وتعمل اسرائيل على استغلال هذه المخطط كفرصة لتحقيق اوهامها فى الاستيلاء على كامل ارض فلسطين والتوسع شمالا فى جنوب لبنان وتهجير الفلسطينين جنوبا من غزة الى سيناء وشرقا من الضفة الى الاردن . والذى يبرز لك عزيزى القارئ حجم التحديات والمخاطر تواجهها مصر للحفاظ على الحقوق الفلسطينية ومواجهة مخططات التهجير والتوسع على حساب امنها القومي واراضيها فى سيناء الحبيبة . وتبذل مصر جهودا لا يمكن وصفها سواء مخابراتيا او دبلوماسيا وسياسيا لاحتواء ومواجهة تلك المخططات ودعم الشعب الفلسطينى فى حقوقه واقامة دولته المستقلة مستندة على ثقلها السياسي والعسكرى وتاريخها المشرف فى الدفاع عن القضية الفسطينية.

سادسًا الضغوط الاقتصادية التى تتعرض لها مصر سواء بشكل مباشر وممنهج نتيجة لرفضها الانصياع لمخططات تهجير الفلسطينيين الى سيناء والرضوخ لرغبات بعض القوى الدولية فى توظيف القدرات المصرية المتنوعة فى تحالفات مختلفة فى المنطقة تخدم اهدف وتحركات القوى الغربية خاصة على حساب التوازنات السياسية المصرية ، وبشكل غير مباشر بسبب ازمة كورونا والحرب الروسية الاوكرانية والتوترات الجيوسياسية فى المنطقة وخاصة بعد احدث 7 اكتوبر والاعتداء الاسرائيلي الوحشي على غزة والصراع الدولى المتزايد وتاثير كل ذلك على سلاسل الامداد والتجارة الدولية اضافة لسياسات التشدد النقدى للفيدرالى الامريكي ورفع الفائدة التى خنقت الاستثمار واثرت بشكل كبير على نمو الاقتصادات الصاعدة بقوة ومنها مصر التى انشات بنية اساسية ضخمة ونهضة عمرانية غير مسبوقة بهدف حصد اكبر نسبة ممكنة من الاستثمارات الدولية، كل ذلك مثل ضغوطا شديدةعلى قيمة العملة وبالتالى على الاقتصاد واحتياجات المواطن، إلا أن الحكومة المصرية وعت الدرس جيدًا وبعد صفقة راس الحكمة تتحرك بهدوء وثقة نحو تحقيق استراتيجية ابرز توجهات الاقتصاد المصرى من 2024 وإلى 2030 إضافة إلى برنامج الحكومة الجديدة الذي أقره البرلمان للسنوات الثلاث المقبلة المعتمد على رؤية مصر 2030 وتوصيات الحوار الوطنى وبرنامج الاصلاح الهيكلى ليكون برنامج عمل وطنى جامع لكافة الافكار والاطروحات التى تنتهي فى مجملها الى الارتقاء بحياة المواطن المصري.

سابعًا سد اثيوبيا والتحركات الاثيوبية التى تمثل بشكل كبير تهديدا للامن القومى المصرى المائى وما تمارسه اثيوبيا من تعنتا كبيرا فى الاعتراف بالحقوق التاريخية لدول المصب مصر والسودان والتحرك المستمر نحو خلق شرعية جديدة للتعامل مع مياه النيل وعدم الاعتراف بالحصص المائية لدولتى المصب واخرها اتفاقية عنتيبي التى تحاول خلق هذه الشرعية بعيدًا عن مصر والسودان إضافة لما يمثله السد من خطر حال انهياره لمخالفته العديد من عوامل الامان والسلامة المطلوبة.

أضف الى ذلك تحركات اثيوبيا فى أرض الصومال ومحاولة عقد اتفاقيات حكومة غير شرعية للحصول على منفذ فى البحر الاحمر وإنشاء قاعدة عسكرية وميناء تجارى هناك وبالتالى كسب نقطة ارتكاز فى مسار قناة السويس وحصار مصر من الجنوب كل هذه المحاولات الإثيوبية بائت بالفشل بفضل سرعة وديناميكية التحركات المصرية فقد عقد الرئيس السيسي عدة لقاءات مع رئيس الصومال أنتهت إلى توقيع اتفاقيات دفاع مشترك بين مصر والصومال مما يعزز من امن المنطقة وتأمين مسار الملاحة لقناة السويس، إضافة إلى مشاركة مصر فى قوات بعثة الاتحاد الافريقي لحفظ السلام في الصومال، إضافة الى تولى مصر قيادة مجلس السلم والأمن الافريقي فى أكتوبر المقبل لتساهم فى الحفاظ على تحقيق السلم والأمن لدول الاتحاد الافريقي والذى يمنحها فرصة عرض قضية السد بما يشكله من تهديد للسلم والأمن فى القارة.

تعد هذه التحديات هى الأبرز التى تواجهها الدولة المصرية إضافة الى ملفات اخرى عديدة بالطبع تليها فى الاهمية ولا تقل عنها كثيرًا وتمثل ضغوطا كبيرة إلا أن مصر بقيادتها الامينة على مقدراتها ومؤسساتها السيادية وجيشها الباسل يبذلون جهودًا مضنية وضخمة لمواجهة هذه التحديات وغيرها الكثير وسيعبرون مع شعبها العظيم بإذن الله كل هذه التحديات بنجاح وسيظلون الصخرة التى تتحطم عليها أحلام الواهمين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.