محمد فؤاد يكتب | مستقبل مجانية التعليم الجامعي

0

إن المجانية في النظام الرأسمالي الجديد بتعقيداته ومتغيراته السريعة تختلف عن المجانية في النظام الاشتراكي بمتغيراته البطيئة وتوجهاته الحكومية، تختلف في المفهوم والأهداف ولكنها تتفق في عدة مبادئ أبرزها تحقيق العدالة الاجتماعية ومبدأ تكافؤ الفرص ودعم المبدعين. وفي المجمل لا يمكن أن نظل نطبق المجانية في التعليم العالي بقانون اشتراكي في اقتصاد تحرر من اشتراكيته! يجب ان ترتبط مفهوم وأهداف المجانية بالنظام الاقتصادي القائم وان كان نظاما مختلطا يجمع بين رأسمالية الدولة والقطاع الخاص. فالمجانية الانتقائية أفضل من المجانية المطلقة ولا سيما في التعليم الجامعي خاصة في الدول الكبيرة في حجم سكانها.

بعد التوسع في إنشاء الجامعات الإقليمية الحكومية والجامعات الأهلية أصبح التعليم العالي في مصر متاحًا لكل المستويات والطبقات الاجتماعية (الجامعات الحكومية والمعاهد الفنية مناسبة لمحدودي الدخل ، والجامعات الاهلية والخاصة  للدخل المرتفع والجامعات الدولية مناسبة لأصحاب الدخول المرتفعة جدا في حين جاءت المعاهد الخاصة والبرامج المميزة في الجامعات الحكومية مناسبة لأصحاب الدخول المتوسطة). هذا بالنسبة لمستوي دخل الأسرة، بينما وفقًا لمستوى الطلاب تقبل الجامعات الحكومية أعداد  محددة من الطلاب في التخصصات الطبية والهندسية والتكنولوجية ويوزع  الغالبية العظمي من الطلاب علي باقي التخصصات النظرية بلا قيود وهذه ثغرة كبيرة في التعليم الجامعي الحكومي، يجب ان تضع ضوابط ان لا تقبل الا نصف العدد الذي يقبل سنويا علي الأقل مع تقديم بدائل أخرى خاصة لطلاب المرحلة الثالثة من التنسيق  تناسب قدراتهم وفي نفس الوقت تؤهلهم لفرص عمل حقيقية.

 قاعدة بديهية ان يكون هناك تفاوت بين الطلاب من خلال هذا التفاوت يتوزعون إلى تخصصات الجامعة المختلفة لكن من الواجب ايضا ان يكون هذا التفاوت ضئيل وليس بهذه الفجوة الكبيرة الذي نتج عنها طبقية في التخصصات وكليات شعبية وأخرى راقية وكليات للمتفوقين وأخرى للمتخلفين، فالطالب الجامعي في أي تخصص يجب أن تسمح قدراته العقلية والذهنية للدراسة في الجامعة سواء في تخصصات العلوم الانسانية أو التطبيقية.

مازالت سياسة الرأسمالية للتعليم الجامعي “خصخصة الجامعات” لم تتحقق وإن تحققت كعدد جامعات مع التخطيط لوصول 100 جامعة خاصة وأهلية وتكنولوجية بحلول عام  2030 لتصبح أكثر من ثلاثة أضعاف عدد الجامعات الحكومية (28 جامعة ) إلا انها لم تتحقق كعدد طلاب فمازالت البيانات تشير على بقاء الاشتراكية كثقافة في الجامعات الحكومية نظرا لان غالية المجتمع المصري مازالت فئات محدودة الدخل ومن الأمثلة المعبرة على ذلك : أن عدد طلاب جامعة عين شمس فقط 220 ألف طالب يعادل اجمالي عدد الطلاب في 50 جامعة خاصة وأهلية  وفقا لبيانات 2023! ،  كما ان عدد طلاب كلية التجارة فقط جامعة عين شمس 74 ألف طالب  في حين ان إجمالي عدد طلاب جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا 20 ألف فقط بالرغم انها تضم 14 كلية وتاريخ تأسيسها 1996 !، هنا يجب إعادة النظر في مجانية التعليم الجامعي وإعادة النظر في مصروفات التعليم الخاص. لتحقيق التوازن المطلوب في توزيع الطلاب بين الجامعات الحكومية والخاصة ليتوافق مع النظام الاقتصادي المختلط (فيه عناصر من اقتصاد السوق والاقتصاد الموجه) والذي هو سمة من سمات الاقتصاد المعاصر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.