سمر عمرو تكتب | الحوكمة والثقافة المسمومة

0

سيظل العنصر البشري، دائمًا وأبدًا، هو التحدى الأكبر داخل أي منظومة، فبالرغم من الاهتمام بعلوم الإدارة وإدراك صناع القرار بأهمية التدريب والتطوير المستمر للعاملين بالمؤسسات إلا أنهم دائماً في صراع مستدام مع تنمية القدرات الإنسانية من أجل رفع الكفاءة والفاعلية.

وبالرغم من التطور التكنولوجي الذي جعل المؤسسات في غنى عن الاحتياج لأعداد من العنصر البشري داخلها، وبالرغم من برامج التدريب التي تستهدف الإصلاح الإداري، وبالرغم أيضًا من حصول عدد من القيادات الوسطى والعليا على درجة الدكتوراة والماجيستير المهني والأكاديمي، إلا أن المؤسسات تلازمها تحدي مستمر ونستطيع تسميته بتحدي الثقافة المؤسسية المسمومة!

يتوارث العاملون بعض الثقافات الهدامة، وفي الحقيقة علينا ألا نظلم الوارث، لأنه أثناء توارثه لأي مغلوط كان قليل الحيلة، متكتف الأيدي، غير مسموح له بالاستيضاح عن فلسفة مقنعة لما يتوارثه.

الثقافات المسمومة عديدة داخل مؤسسات العمل، منها الإدارة بأولويات غير منطقية، وإدارة المرؤوسين لتشجيع روح المنافسة غير الصحية بما يخلق صراعات غير منتجة، والخلط بين العلاقات الإنسانية وأهداف الوظيفة بين الزملاء وأعتقد أن كل قارئ له خبرة مهنية في العمل سوف يتفق مع هذا التحليل.

بما أن الحوكمة الرشيدة بمعاييرها ومبادئها تعمل على تحقيق التنمية المستدامة واستغلال الطاقات والإمكانيات البشرية المادية والتنظيمية في المجتمع، وتدعو إلى تحقيق العدالة والمساواة واللامركزية والشفافية وتحارب الفساد وتحقق مزيداً من الديمقراطية لدعم المؤسسات على المدي البعيد وتحديد المسئول والمسئولية.

فأهمية الحوكمة تكمن في تعزيز القدرة التنافسية للمؤسسات وتجنب الفساد المالي والإداري، وتعزيز الثقة بين الأطراف المعينة، وتعزيز القدرة على التطوير.

من وجهة نظر المجتمع فالحوكمة تعد رقابة وإشراف ذاتي يؤدي إلى سلامة التطبيق القانوني للتشريعات القانونية والضوابط الحاكمة وبالتالي حسن الإدارة وضمان حقوق الناس بما يؤدي إلى ثقة المجتمع عن أداء المؤسسات.

من وجهة نظر الفاعلين فإن الحوكمة الرشيدة تضمن حقوق ومصالح العاملين دون تمييز، حيث ينظر العاملين إلى الإدارة بأنها المعنية بحماية حقوقهم.

لذلك نتطلع لتطبيق آليات الحوكمة لتحسين أنظمة الإدارة العامة بحيث تلبي بشكل كامل حاجات المواطنين وذلك من خلال الآتي:

تثقيف العاملين بحقوقهم الأساسية وفقاً للوائح المؤسسة.

تفعيل وسائل المساءلة المؤسسية الرادعة.

دعم مشاركة القيادات الوسطى في عمليات صنع القرارات التي تتصل بطبيعة عملهم.

الحد من جميع الممارسات السلبية المادية والمعنوية تجاه العاملين.

الحد من التقييد وإعطاء فرصة للكفاءات وتسكين الهيكل الإداري بشكل منضبط دون اللجوء لفكرة “القائم بالأعمال”.

اختتم كلماتي بتكليف السيد رئيس الجمهورية للحكومة يوم إطلاق الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان وهي الحرص لدى تنفيذ الرؤية المتكاملة للإصلاح الإداري على بناء جهاز إداري كفء وفعال يتبع آليات الحكم الرشيد ويخضع للمساءلة وينال استحسان المواطنين لمستوى الخدمات المقدمة لهم ويتسم بالكفاءة والعدالة وعدم التمييز.

مجمل القول من الممكن أن نختلف في آليات تطبيق الحوكمة وفق طبيعة وأهداف المؤسسة ولكن علينا أن نتفق أن مصر ولادة ولا مجال للأيادي المرتعشة في ظل استراتيجية الدولة للتنمية المستدامة ونحن في الطريق للجمهورية الجديدة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.