محمد بغدادي يكتب | حضرة النبي المعظم

0

مات ولده الوحيد وماتت خديجه ومات عمه وطردته مكه وعاملته قريش أسوأ معامله من أقرب الأقربين ولم يبق بشر يستند إليه واغلقت أبواب الدنيا في وجهه وبات الظلام هو اللون الوحيد الذي يراه النبي المعظم في عام الحزن وعام اليأس.ثم ذهب بعيدا وحيدا في الصحراء الحارقة وبكى وانهمرت الدموع الشريفة بعد أن ضاقت الأرض بما رحبت وبكى القلب وصرخ.

الصدر صراخا زلزل الأرض والسماء وتضرع لربه يشكو ضعف قوته وقلة حيلته وهوانه على الناس فهو رب المستضعفين فكان الخالق هو الملجأ الوحيد والملاذ الأمن فنادته السماء محتضنه وافتتحت أبوابها السبعة لاستقبال المخلوق البشري الذي اهتز عرش الرحمن لبكائه وصرخاته الداخلية وأراد الخالق أن يطمئنه بنفسه وبذاته دون وسطاء.

فكانت البشرى وكانت الاحتفالية الكبرى بحضور الملائكة في قاعة الأفق الأعلى مع استقبال الله لنبيه المعظم بخطوات محسوبه من جبريل المعظم فكانت المحادثة الثنائية بين العبد والرب فقال النبي التحيات لله والصلوات الطيبات فتحدث الله بدون أية حواجز أو عراقيل لحبيبه السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.أي عظمة هذه وأي قوة هذه وأي حب هذا الذي قطع المسافات الدنيوية والأخروية بحسابات إلهيه بحته ليحنو على نبيه ويروح عن حبيبه ليعيد هيكلة نفسية النبي المعظم ليستكمل المسيرة ويقف أمام العالم ليس لأنه الأقوى أو الأغنى وإنما لشيئ وحيد هو أن الله معه ويقف خلفه.

حينما تتذلل النفس ويضعف العقل وترتبك الجوارح ويقشعر البدن ويصمت اللسان وتعجز تدابيرك تماما ويهبط جبروت الإنسان وغروره أمام الله راجيًا رحمته ومغفرته فثق تمامًا أن الأمر كله لله فهو القادر الأوحد على نجاحك وفلاحك وسعادتك فيعلم ما تخفيه الصدور.

القضية في عقلنا الباطن وقصور إيماننا ونفوسنا المريضة المتهالكة التي لا تنظر إلا تحت قدميها فقط فليس الأمر لمخلوق تماما وإنما القوة والجبروت والطاقة الروحانية من الله فقط دون سواه. فلنعيد حساباتنا مع الله جيدا وبأسرع وقت ممكن فعسى أن يبدلنا حالنا للأحسن ويعفو عنا ويزيح الهموم والشجون والأحزان والتراكمات ويقطع جبال اليأس من قلوبنا فما محمد إلا الملاذ الأمن إلينا جميعا والله والله لنحن في أمس الحاجة لاحتضان النبي المعظم لنرمي همومنا على كتفيه ونبكي ونبكي حتى نصبح بلا هموم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.