هويدا أحمد الملاخ يكتب | أسوان.. تنمية مستدامة نحو أفريقيا

0

حظيت أسوان خلال تاريخها الحديث والمعاصر باهتمام القيادات السياسية المختلفة ، ففي عقد الستينيات من القرن العشرين كانت أسوان رمزاً للتحدي والصمود بقيادة الرئيس جمال عبدالناصر فى معركة بناء السد العالي أعظم مشروع هندسي خلال القرن العشرين ، وفى عقد السبعينات أطلق عليها الرئيس أنور السادات ” محافظة الأمل ” نظرا لما تحتويه من ثروات اقتصادية هائلة ، كما أقام على أرضها مفاوضات السلام .

وفى عقد التسعينات أطلق الرئيس حسنى مبارك إشارة البدء فى مشروعاً قومياً بعث الأمل من جديد آلا وهو مشروع ” توشكى ” يهدف إلى إنشاء دلتا جديدة جنوب الصحراء الغربية موازية للنيل واستصلاح أراضى .

في أعقاب ثورة 30 يونيو 2013 م حظيت محافظة أسوان باهتمام القيادة السياسية فقد تم تدشين مشروعات قومية واعدة استثماريا بمحافظة أسوان ، مثل مشروع الطاقة الشمسية بـ ( بنبان ) حيث تم التشغيل الفعلي لـ21 محطة شمسية حتى الآن، تنتج حالياً ألف ميجا وات على الشبكة القومية الموحدة من اجمالى 32 محطة مستهدف تشغيلهم خلال العام الحالي لإنتاج 1650 ميجا وات كمرحلة أولى من إجمالي 42 محطة ستنتج 2050 ميجا وات بما يعادل إنتاج السد العالي ليعد هذا المشروع أكبر مجمع محطات لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في العالم.

يعتبر مصنع كيما 1 إحدى القلاع الصناعية المهمة فى إنتاج الأسمدة والأمونيا، ، فقد تم تطوير نشاط المصنع بإطلاق التشغيل التجريبي لمصنع كيما 2، لفتح مجالات تصدير الأسمدة إلى الأسواق الأفريقية والعالمية، وتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية لأسوان والصعيد بتكلفه تبلغ استثماراته تبلغ نحو 11.6 مليار جنيه ، كما تشهد أسوان تنفيذ العديد من المشروعات الزراعية والحيوانية و الداجنة .

و في ختام توصيات مؤتمر الشباب بأسوان يناير 2017 م أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى محافظة أسوان العاصمة الثقافة والاقتصادية لإفريقيا و مشتي عالمي ، كما أعلن الرئيس في ختام منتدى الشباب الدولي الثاني نوفمبر 2018 م ، مدينة أسوان المصرية عاصمة للشباب الإفريقي للعام 2019، على أن يتم خلال هذا العام انطلاق ملتقى الشباب العربي والإفريقي بها لبحث أبرز القضايا والتحديات التي تواجه الشباب بالقارة الإفريقية والمنطقة العربية.

وقد نال هذا الاختيار استحسان الكثير من الشباب المصري و الإفريقي وكذلك الشباب الأسواني مثمنين هذه المبادرات الايجابية ، التي تلفت أنظار العالم سواء على المستوى الدولي أو الإفريقي أو العربي إلى هذه المدينة الحضارية ، والتي تعد الباب الملكي لإفريقيا .

كانت هذه المبادرات من قبل القيادة السياسة محاولة لإعادة دور أسوان التاريخي والسياسي كقوى ناعمة لمصر ، باعتبارها بوابة مصر الجنوبية على إفريقيا ونقطة الانطلاق نحو المزيد من آفاق التعاون بين مصر و دول القارة السمراء اقتصاديًا وتجاريًا وثقافيًا وسياحيًا. وفى مايو 2019 أصدر د.مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، قراراً يقضي بإنشاء منطقة حرة عامة تقع غرب مدينة أسوان الجديدة، وذلك على مساحة 187 فداناً، الواقعة داخل كردون المدينة والمطلة على طريق القاهرة – أسوان الصحراوي الغربي.

ستتضمن 160 مشروع باستثمارات تصل إلى 2.3 مليار دولار، وتوفر 15 ألف فرصة عمل مباشرة، ومن المتوقع أن تحقق المنطقة 1.1 مليار دولار قيمة مضافة للناتج المحلي تساهم فى نمو الصادرات الخارجية بقيمة 675 مليون دولار سنويا، مشيرة إلى أن هذه المنطقة ضمن خطة الدولة للاهتمام بمحافظات الصعيد وخدمة المستثمرين، بما يؤدى إلى زيادة معدلات التشغيل وزيادة فرص العمل لأبناء الصعيد، مع الاستفادة من الحوافز الضريبية التى نص عليها قانون الاستثمار

وتستهدف تصنيع وتعليب الأسماك التى تشتهر بها بحيرة ناصر والصناعات المتعلقة بها، وتصنيع الأغذية وتجفيف وتدريج الحاصلات الزراعية التي تشتهر بها توشكى والوديان المتاخمة لمدينة أسوان، وتصنيع الألواح الاليكترونية والخلايا والعواكس الكهروضوئية من الرمال البيضا (سيلكا 98%) المنتشرة بها، وتصنيع البرمجيات وتطبيقات الحاسب الآلي والصناعات المتعلقة بها والمكملة لها، وتصنيع المشغولات الذهبية ومن الأحجار الكريمة المنتشرة بوادي العلاقي جنوب شرق مدينة أسوان العاصمة، وتصنيع الهدايا التذكارية وتصديرها عبر الأسواق الحرة بالمطارات والموانئ للسائحين والمسافرين لخارج البلاد، وتصنيع المفروشات والملابس والمشغولات اليدوية والسجاد والمنتجات النسيجية التي تشتهر بها قرى النوبة، وخدمات تخزين وإعادة تصدير مختلف البضائع والمنتجات إلى خارج البلاد وخاصة السودان ودول حوض النيل.

حتى تحقق هذه المشاريع على ارض الواقع وتكون أسوان طريقاً للتنمية المستدامة نحو أفريقيا يجب دمج الثقل القبلي الذي تتمتع به المحافظة فى خطط التنمية ، فمن المعروف أن محافظة أسوان بمختلف مراكزها ومدنها وقراها تمتلك ثقل قبلي رصين لا يمكن الاستهانة وتعد القيم القبلية جزء أصيل من مكونات المجتمع الأسوانى ، وهى تتميز بقوة الروابط بين أفرادها رغم الطابع المدني السائد على المكان ، وتترجم القبيلة في أسوان بشكل عملى فكرة التكافل ؛حيث تقوم القبيلة بمساعدة الفقير والمعسر ، وتقوم بدفع الديات والغرامات عن أفراد القبيلة وهى عادات مجتمعية يقوم بها أفراد القبيلة لمساعدة بعضهم البعض ؛ كذلك تلعب القبائل دور فعال في إنهاء الخلافات الاجتماعية والإنسانية بين العائلات ؛ وبذلك تساعد القبيلة مؤسسات الدولة في حل المشكلات الملحة.

إن توافر هذه السمات الايجابية لقبائل أسوان فرصة ذهبية للحضور في ظل عدم استكمال التنمية المطلوبة للدولة، وتفعيل آليات التواصل بين أفراد المجتمع بوصفة كتله واحدة من خلال بناء مؤسسات مجتمع يفهم قدرات القبائل و يوظف قدراتها في سياق يسهم في تنمية المجتمع اقتصاديا ، ومن ثم تكون أسوان طريقاً للتنمية المستدامة نحو أفريقيا بتكاتف المجتمع والحكومة معا ، من خلال إنشاء ” شركة مساهمة وطنية في أسوان ” تبنى على قيام الشباب والقبائل والمحافظة والجيش ومنظمات المجتمع المدني بالمساهمة في إنشاء هذه الشركة بشرائهم عدد من الأسهم حسب قدراتهم المالية لإتاحة الفرصة لمشاركة اكبر عدد ممكن جميع المشاركين وسوف يكون من حق كل من يساهم في الشركة الحصول على عمل مناسب في هذه الشركة حسب مؤهله وخبراته وحسب حاجة سوق العمل ، وآلية إنشاء وتأسيس هذه الشركة يحتاج إلى إرادة للدولة ؛ حيث تساهم في عملية تأسيس الشركة ثم عرضها للاكتتاب.

إن التجمعات القبيلة في أسوان لها دور حيوي في إشهار وتدشين ” شركة مساهمة وطنية في أسوان ” من خلال تعزيز آليات التواصل فيما بينها عن طرق إنشاء “مجلس حكماء ” يكون لكل قبيلة ممثل فيه ، تتلخص مهمة مجلس الحكماء في فهم قدرات القبائل و يوظف قدراتها البشرية والمالية من خلال ورش عمل وحوار عصري ، يكون في سياق يسهم في تنمية المجتمع اقتصاديا ويساعد في تدشين الشركة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.