محمد أمين يكتب | الفيل أم الحمار

0

تابعت عن كثب حالي كحال كل الحالمين والمتطلعين إلى مستقبل أفضل والمنتظرين بلهفة انتهاء سباق الانتخابات الأمريكية ليس لمعرفة من الفائز ولكن لاعتبارات كثيرة سوف اذكرها في السياق.

بينما كان العالم كله يتابع المناظرة التي دارت بين الفيل والحمار (الفيل رمز الحزب الجمهوري الذي رسمه له رسام الكاريكاتير الأمريكي ذو الأصول الألمانية توماس نيست كدليل على الحجم والنفوذ الكبيرين للحزب، أما الحمار فيرمز به للحزب الديمقراطي منذ الثلث الأول للقرن التاسع عشر  عندما قام معارضو المرشح الرئاسي أندرو جاكسون بإطلاق اسم “جاكاس” عليه، وهي كلمة سيئة تدل على الحمار مستغلين التشابه في الاسم بين جاكسون وجاكاس، فبينما تابع العالم هذه المناظرة أمام شاشات التلفاز كنت أشاهدها في مقر السفارة الأمريكية بالقاهرة يوم الأربعاء الماضي بدعوة من القسم السياسي بالسفارة مع لفيف من صفوة السياسيين المصريين وبعد انتهاء المناظرة كان السؤال التقليدي كيف تراها ومن الأقرب للفوز؟

هنا أبدأ بالجزء الأخير من السؤال فقد استطاعت هاريس الديمقراطية التي يرمز لها بالحمار أن تصحح أوضاع الديمقراطيين التي ساءت خلال الأربع سنوات الماضية (فترة حكم بايدن) وحققت تقدما ملموسًا على أرض الواقع من خلال طرح خطة عمل ولكنها غير تفصيلية فقد كررت كثيرًا خلال المناظرة عباره   I have a plan الأمر الذي أعاد إلى ذهني المقولة التاريخية لمارتن لوثر كينج I have a dream، بينما في الجهة المقابلة كان الفيل لا يجيب على الأسئلة التي توجه له من المنافس ولكنه كان شديد التركيز على الناخب الامريكي واللعب على مشاعره الوطنية وحصار الحمار من خلال مواجهته بما فشل في تحقيقه أثناء توليهم مقاليد الحكم خلال الفترة الرئاسية التي أوشكت على الانتهاء، إلى هنا انتهت متابعتي الموضوعية للمناظرة، ولم أرى من المشهد سوى تلك الصورة في ذهني وهي محادثة ومشادة بين الفيل والحمار على تولي منصب ملك الغابة، الفيل يعاير الحمار بفشله في إدارة شئون البلاد وعدم تقديم أي جديد يذكر، بينما الحمار يلوح للفيل بأنه أصبح من الماضي.

ظل الفيل يحرك زلومته مهاجمًا الحمار بكل قسوة والحمار يهز رأسه وذيله إلى أن استفقت على كلمة أعادتني إلى واقعنا المرير في الشرق الأوسط، حيث اجتمع الفيل والحمار على دعم ومساندة اسرائيل.

في كل الأحوال ما يهمني من هذه المناظرة كمواطن مصري هو الأمن القومي لوطني فلا يعنيني من سيربح الانتخابات بقدر ما يعنيني من الذي سيتعاون معنا في المفاوضات لإنهاء الحرب في غزة لأني لدي يقين أن العدوان على غزة لن ينتهي إلا بإعلان نتيجة الانتخابات الأمريكية.

لم أرى فائزًا أو منتصرًا في هذه المناظرة، رغم التقدم النسبي للحمار لا سيما بعد تهرب الفيل من المواجهة في المناظرة الثانية، سوى الحصان والغزال ديفيد موير ولينسي ديفيس اللذين أدارا المناظرة بشكل احترافي بين طرفين يصعب السيطرة عليهما.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.