محمد فؤاد البري يكتب | كلية التربية ومهنة التدريس

0

تم التوسع في إنشاء كليات التربية  في كافة الجامعات الحكومية خاصة بعد  إلغاء دبلوم المعلمين وكان خريج كلية التربية يعرف مصيره كونه معلم مكلف من قبل وزارة التربية والتعليم لاستلام وظيفته بعد التخرج ولكن ما حدث مع نهاية القرن العشرين أنه تم إلغاء التكليف في كليات التربية لأسباب تتعلق بعجز في الموازنة العامة من جهة ولكثرة أعداد الخريجين وضعف جودتهم من جهة أخرى، ولكن ظلت سياسة الجامعات تنظم وتفنن وتخترع كليات وأقسام تربوية داخل الجامعات فالتربية العام للتعليم الثانوي والتربية الأساسي للتعليم الابتدائي والتربية الطفولة متعلقة برياض الأطفال والتربية النوعية لتخصصات متعلقة بالأنشطة التربوية ، أضف التربية الموسيقية والتربية الرياضية والتربية الخاصة لذوي القدرات الخاصة الخ حتى أصبحت في كل جامعة مجمع من الكليات التربوية  شأنها شأن الكليات الطبية لكن الفرق في الكم الكبير الغير مؤهل والمرسل للكليات التربوية في سوق عمل متشبع من تلك التخصصات ، حتى أصبحت تلك الكليات تخرج سنويا ما يقرب من 120 ألف خريج وفقا لإحصاء 2023!!

من السياسات غير المفهومة حتى هذه اللحظة استقبال كليات التربية آلاف الخريجين من كليات أخرى للدراسات العليا فيما يسمى “الدبلومة العامة”، حتى اصبحت كلية التربية أكبر كلية في الجامعات ينتسب لها طلاب دراسات عليا (20%) من حجم الخريجين، وكأن كلية التربية لا تكفي حتى ينضم لها أعداد من كليات أخرى دون احتكاك عملي في مجال التدريس ودون دراسة عليا حقيقية، فالدبلومة العامة تفتقر لكل مقومات التعليم والتدريب وما هي إلا دفع رسوم لكلية التربية لنيل شهادة عليا. فالعلاقة مازالت ضعيفة جدا بين الكليات التربوية ووزارة التربية والتعليم، نجد الغالبية تهرب من المدرسة من العميد إلى الطالب الجامعي! هذه المؤسسات التربوية ليست لها اي قيمة إذا قطعت الاتصال بينها وبين المدراس فالمدرسة هي حقل التجارب الحقيقي لكليات التربية سواء لأعضاء هيئة التدريس أو طلاب الكلية، ويجب هنا على وزير التعليم أن يقرب المسافات ويزيد من التشاورات بين المجلس الأعلى للجامعات وعمداء كليات التربية لمعرفة احتياجات التعليم ما قبل الجامعي من الخريجين بدقة خصوصا بعد تغيير ودمج العديد من المواد في المرحلة الثانوية وهذا يتطلب من شأنه تغيير في البرامج المقدمة في كليات التربية وإلغاء أقسام وتحديث أقسام أخرى.

إن لكل مشكلة حل واحد صحيح (حل مطابق) وعدة حلول زائفة، وان الحلول الزائفة تفاقم المشكلة وتعقدها ويخسر معها المجتمع بقدر تعقد المشكلة، يخسرون زمنا وجهدا واستمرار سياسة القبول في الكليات التربوية بهذا الكم سنويا هو خسارة للمجتمع بأكمله.

إن عجز الخريج في الحصول على عمل ذات راتب جيد قد يجعله يخترع هو عمل سواء كان عمل منظم أو غير منظم، اخلاقي او غير اخلاقي قانوني او غير قانوني منتج أو غير منتج!!

السوق الضخم الذي خلفته الدروس الخصوصية في مصر من خلال شيوع ظاهرة مجتمع السناتر التي تنتشر في ربوع الوطن افرزت تعليم موازي وإن كانت الظاهرة قائمة من الماضي  ولكن مؤخرا لقلة فرص العمل أصبح عدد ضخم من طلاب الجامعة يعلن عن مشروعه الخاص تحديدا خريجين الكليات التربوية الأمر الذي يهدد منظومة التعليم ما قبل الجامعي نظرا لعدم اشراف الدولة علي هذا السوق العشوائي الذي لا يحكمه قانون ولا يراقبه مؤسسة خاصة انه يكلف الأسر مبالغ كبيرة دون استفادة حقيقية وتشير إحصاءات أن تكلفة الدروس الخصوصية تجاوزت 50 مليار عام 2022 أنه نشاط تربوي غالبا في بيئات غير تربوية تفتقر للشروط الفيزيقية لقيام نشاط حيوي كالتدريس وهذه قضية تهدد الامن القومي ولها عواقبها الوخيمة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.