محمد علي مقلد يكتب | إذا انطفأت في غزة هل تندلع في لبنان؟

0

أسئلة تؤرق اللبنانيين. ماذا بعد غزة؟ هل ستتوقف الحرب هناك قبل تشريد من تبقى؟ هل يكفي الاعتراف بحماس طرفاً في المفاوضات ليحتفل العالم العربي بالانتصار؟هل طوفان الأقصى لتحرير مئتي سجين فلسطيني؟ قبل غزة سبق أن جرب لبنان هذه المعادلة غير العادلة وذاق مرارة النصر فيها.

لا إجماع في الأمة إلا على أمر واحد، وحشية العدو وإجرامه وعنصريته وهمجيته وكيل من الشتائم لداعميه ولعملائه وللإمبريالية والشيطان الأكبر. كل ما تبقى يظل موضوع سجالات لا تنتهي وتتحول البطولات إلى حائط مبكى على من قضى في المجازر من الأطفال والنساء والعجز ويبقى لكربلاء حائط مبكاها المستقل. مبكيان متوازيان لكنهما يلتقيان في نهر الدموع ويصبان في بحر الفجيعة.

هل من رادع للوحش الإمبريالي-الصهيوني غير بطولات وتضحيات الشعبين الفلسطيني واللبناني؟ لم يتورع الوحش الرأسمالي عن تفجير هيروشيما وناكازاكي بالقنابل النووية، ولا الوحش الصهيوني عن قتل الأطفال الخائفين في قانا الجنوب اللبناني ولا تلامذة بحر البقر في مصر، ولا عن تحويل غزة إلى ركام على غرار ما حل بالضاحية الجنوبية لبيروت ذات عام. مع ذلك، نطلع من بين الركام أو من داخل الأنفاق رافعين شارات النصر.

من يذهب إلى التضحية بنفسه من أجل شعب ووطنه هو بطل من غير شك. فهل يكون بطلاً من يضحي بسواه، ولو من أجل القضية ؟ هذا سؤال طرحه كثيرون من مقاتلي الحرب الأهلية اللبنانية الأحياء حين تأكد لهم أن رفاقاً ماتوا ولم تنتصر القضية.

شبكة أنفاق المترو في موسكو حمت السكان من الهجوم النازي، ومنها انطلق الهجوم المضاد الذي لم يتوقف إلا مع انتحار هتلر. لا شك في أن الأنفاق أقلقت إسرائيل، لكنها لم تشكل حماية ولا طمأنينة لأرواح أهل غزة. ساكنوها من القادة وأسرى الطوفان وحدهم ظلوا سالمين، لكن تحت ركام المدينة. أما العدو فقد تعلم كيف يتفادى أنفاق لبنان ويحارب عن بعد ليحمي سكان الجليل.

هتلر أعلن بنفسه هزيمته حين انتحر في مخبأ يشبه النفق قبل لحظات من احتفال الجيش السوفياتي بالنصر، فهل يعتقد المتحصنون في الأنفاق أنهم على قاب قوسين أو أدنى من هزيمة نتنياهو ليختار الانتحار؟ هو ما زال يرغي ويزبد ويتعهد بمتابعة حرب الإبادة في فلسطين، ويتوعد لبنان بأهوال حرب تموز أضعافاً مضاعفة. اللبناني يسأل هل سيفعلها؟ أهل الجنوب اللبناني بدأوا يسألون عن أماكن النزوح، ولصوص المال العام بدأوا بوضع جردة بالخسائر الأولية طمعاً بنهب أموال الإغاثة.

في فلسطين يتداولون بحل الدولتين، وفي لبنان صراع بين المتباكين على الدولة والحالمين بأكثر من دولة. الدولة هي الحل، الدولة الديمقراطية، في لبنان وفي فلسطين. لكن لا توافق على معنى الديمقراطية. هي في نظر الإسلام السياسي أرقام وأعداد. حماس وصلت إلى السلطة بأصوات المقترعين، وقبل أن تفوز الشيعية السياسية بجميع مقاعد الطائفة في البرلمان، كانت تتباهى بقدرتها على حشد مئات الآلاف، وقالت إن حافلتين تكفيان لتجميع خصومها من أهل الطائفة.

أحد أسباب حروبنا الأهلية تزوير معنى الديمقراطية. الديمقراطية ثقافة ومنظومة قيم، الأرقام والأعداد هي آخر معيار فيها. الأساس هو احترام الرأي الآخر والاعتراف بحقه في الوجود. الأحزاب العربية القومية والإسلامية واليسارية لا يعترف أي منها بالآخر. أبشع حروبها نشبت بين متفرعات الحزب أو التيار الواحد. المختبر اللبناني شاهد… اللبنانيون يطالبون أحزابهم، ولا سيما الطائفية منها، إن كنتم حقاً مع الدولة ومع الديمقراطية، فما هكذا تورد الإبل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.