إيمان ممتاز تكتب | علم النفس السيبراني

0

يعرّف علم النفس السيبراني (بالإنجليزية: Cyberpsychology)  على أنه العلم الذي يهتم بدراسة العقل في سياق التفاعل بين الإنسان والحاسوب، إذ أصبحت الكيفية التي تؤثر بها التكنولوجيا على سلوك وأفكار البشر محل اهتمام الباحثين،

علم النفس السيبراني هو علم مستحدث، تم اشتقاق الاسم من علم النفس والسايبر الذي هو الفضاء الإلكتروني، نظرًا لأن الأفراد أصبحوا ينجزون معظم مهامهم اليومية عبر الإنترنت وهو يعبر عن دراسة سلوك المستخدم وفهمه وأيضًا التنبؤ بسلوكيّاته في الإنترنت، ويركّز أكثر على علاقة المستخدم بالإنترنت أو (بوضعنا الحالي علاقة المستخدم مع هاتفه)، ويدخل فيها أيّ سلوك عبر الفضاء الإلكتروني مثل التنمر، والتصيد، والتجنيد الإلكتروني والحسابات الوهمية والابتزاز والتحريض والتوعية واستغلال أيّ حدث للتأثير على المستخدم.

مما لا شك فيه انه مع تزايد الاعتماد على التكنولوجيا في جميع مجالات الحياة، ففي السنوات الأخيرة فرض الإنترنت نفسه علينا بقوّة وبالتالى المستخدمين تتغير سلوكيّاتهم وقيمهم حين يكونوا في الفضاء الإلكتروني وهذا التغيّر يستخدم ويستغل أيضًا في صالح المستخدم أو ضده، فتم ماستحداث هذا العلم. وأصبح علم النفس السيبراني أحد الفروع الحديثة لعلم النفس التي تسلط الضوء على التفاعل بين السلوك البشري والتكنولوجيا. يهدف هذا المجال إلى فهم كيف يؤثر الفضاء الرقمي على الهوية، والعلاقات الاجتماعية، والصحة النفسية، مما يفتح آفاقًا جديدة لدراسة الظواهر النفسية في سياقات غير تقليدية.

تتكون الهوية الرقمية من العناصر التي يعبر عنها الأفراد على الإنترنت، والتي يمكن أن تختلف بشكل كبير عن هوياتهم الحقيقية. يوفر الفضاء الرقمي منصات للتعبير عن الذات، لكنه يطرح أيضًا تحديات متعددة، مثل القلق من عدم الانسجام بين الهوية الرقمية والهوية الحقيقية. الدراسات أظهرت أن الأفراد الذين يتعرضون لمعايير مرتفعة من الانجذاب الاجتماعي على وسائل التواصل قد يواجهون ضغوطًا نفسية، مما يؤثر على تقديرهم الذاتي ورفاهيتهم النفسية.

تغيرت الديناميكيات الاجتماعية بشكل جذري بسبب ظهور الإنترنت. بينما تسهل وسائل التواصل الاجتماعي التواصل بين الأفراد، فإنها قد تسهم أيضًا في زيادة الشعور بالوحدة والعزلة. تشير الأبحاث إلى أن التفاعلات الرقمية قد تؤدي إلى ضعف الروابط العاطفية الحقيقية، حيث يصبح الأفراد أكثر انغماسًا في العوالم الافتراضية، مما يؤثر سلبًا على مهارات التواصل الشخصي. لذا، يصبح فهم هذه الديناميات ضروريًا لتعزيز العلاقات الصحية.

بالتالى فإن الاستخدام المفرط للإنترنت قد يؤدي إلى مجموعة من المشكلات النفسية، بما في ذلك الاكتئاب والقلق. تشير الأبحاث إلى أن الأفراد الذين يقضون وقتًا طويلاً على وسائل التواصل الاجتماعي يميلون إلى مستويات أعلى من التوتر النفسي، وقد يعانون من انخفاض جودة النوم. لذا، لابد من تطوير ادارة الوقت الرقمي للأفراد والذي يعد هاما للحفاظ على الصحة النفسية.

يُعتبر علم النفس السيبراني مجالًا واعدًا يستحق المزيد من البحث والدراسة. تحتاج الأبحاث المستقبلية إلى التركيز على كيفية تأثير الابتكارات التكنولوجية الجديدة، مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، على السلوكيات النفسية. كما ينبغي استكشاف كيفية تطبيق نتائج هذا البحث في تطوير برامج تدعم الصحة النفسية في العالم الرقمي.

يمثل علم النفس السيبراني نقطة التقاء بين علم النفس والتكنولوجيا، مما يسهم في فهم عميق للتأثيرات النفسية للعالم الرقمي. من خلال دراسة الهوية الرقمية، العلاقات الاجتماعية، والتأثيرات النفسية للاستخدام المفرط، يمكننا تعزيز الرفاهية النفسية للأفراد. مع تطور التكنولوجيا، سيكون لعلم النفس السيبراني دور محوري في توجيه الأفراد نحو استخدام صحي وفعّال للفضاء الرقمي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.