رضا سليمان يكتب | قرارات مصيرية (2 – 2)

0

أدَّت الحرب العالمية الثانية إلى عددٍ كبيرٍ من القتلى المدنيين، لعبت الطائرات دورًا رئيسيًا في الصراع، حيث مكَّنت القصف الاستراتيجي للمراكز السكنية الذي أودى بحياة حوالي مليون شخص، ومنه القنبلتان الذرِّيتان اللَّتان أُلقيتا على هيروشيما وناجازاكي، أدَّت الحرب إلى وقوع ما بين 50 و85 مليون قتيل حسب التقديرات؛ غالبيتهم من المدنيين؛ لذلك تعدُّ الحرب العالمية الثانية أكثر الحروب دمويةً في تاريخ البشرية. مات عشرات الملايين من الناس بسبب الإبادة الجماعية والجوع والمجازر والأمراض. في أعقاب هزيمة دول المحور، تمَّ احتلال ألمانيا واليابان، وأجريَّت محاكم جرائم حرب ضد القادة الألمان واليابانيين.

في إسبانيا نجد حوالي 200 ألف أسباني قتلى، وهذا في ظل ديكتاتورية فرانكو، الملقب ب«القائد»، وتطوّر ما يعرف باسبانيا الفرانكوية، وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 200000 إسباني لقوا حتفهم في السنوات الأولى من الحكم الديكتاتوري نتيجة القمع السياسي والجوع والأمراض المتصلة بالصراع، وفقاً لعدة تقارير، وإسبانيا هي ثاني دولة في العالم بعد كامبوديا من حيث عدد الأفراد المفقودين الذين لم يُعثر على بقاياهم أو تحديدها.

إذا انتقلنا إلى حرب أمريكا على العراق، وهي حرب كلفت الخزانة الأميركية ما لا يقل عن 2.89 تريليون دولار، هذا بالإضافة لضحايا وقتلى تخطى عددهم ربع مليون شخص أغلبهم من المدنيين العراقيين.

تحدثنا التقارير عن ضحايا غزة الأخيرة فقط والتي أعلنتها وزارة الصحة في غزة أن عدد القتلى الفلسطينيين جراء الحرب الإسرائيلية وصل في يوليو 2024 إلى 38295 فلسطينياً و88241 مصاباً منذ 7 أكتوبر 2023 حتى كتابة هذه السطور، وعن الخسائر المادية التي تكبدتها إسرائيل فقد وصلت إلى 300 مليار دولار، ناهيك عن الخسائر المادية في قطاع غزة والدمار الشامل الذي لحق بها وتسويتها بالأرض.

أما الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) وهي أطول حرب في القرن العشرين وأحد أكثر الصراعات دموية وكلفة من الناحية الاقتصادية والبشرية. وتتراوح تقديرات إجمالي عدد ضحايا الحرب ما بين مليون إلى مليوني شخص. أما من الناحية الاقتصادية فقد خرج البلدان من الحرب بخسائر هائلة تجاوزت 400 مليار دولار من ناحية الأضرار المادية، بينما بلغت كلفة الحرب المباشرة نحو 230 مليار دولار.

فى سوريا نجد أن الاضطرابات وهي جزء من موجة أوسع نطاقًا من احتجاجات الربيع العربي 2011 التي بدأت من تونس، وفيها اشتركت عدة جهات في النزاع: الحكومة السورية مدعومة من حلفائها روسيا وإيران وحزب الله، وعلى الطرف الآخر تحالف فضفاض لجماعات المعارضة المسلحة على رأسها الجيش السوري الحر، وجماعات سلفية جهادية بما فيها جبهة النصرة  و ‌تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام داعش، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية التي تضمُّ أغلبية كردية، مع تدخل عدد من البلدان في المنطقة وخارجها إما بالمشاركة العسكرية المباشرة، أو بتقديم الدعم إلى فصيل مسلح واحد أو أكثر. وقدرت الأمم المتحدة عدد ضحايا الحرب الأهلية 600 ألف شخص فى المتوسط، منهم 306,887 مدني بينهم عشرات الآلاف من الأطفال والنساء، و6.7 مليون نازح بحلول مارس 2021. مما يجعلها احدى أسوا الحروب كارثية في القرن الواحد والعشرين.

القائمة طويلة والأعداد رهيبة والتاريخ يحفظها، وسردها يحتاج إلى كتاب وليس مجرد مقال. وبالطبع، كما ذكرت من قبل، لسنا بصدد توثيق أعداد ضحايا الحروب، ولسنا في مقام البحث عن عدد قتلى الاغتيالات السياسية أو ضحايا الاحتجاز القسري والخلاف السياسي وغيرها من الأمور التي تعود إلى قرارات تصدر عن الساسة وأصحاب مراكز القيادة القادرة على إصدار القرار بدخول حرب أو بتصفية مَن يختلف معه ويرفض قرارته.

غير ملايين الأبرياء الذين ذهبوا ضحايا حروب اتخذ قرارها أشخاص مرضى، فهناك تريليونات الدولارات ذهبت هباء في القتل والتدمير، هذه التريليونات من الدولارات كانت كافية لتحويل كوكب الأرض إلى نموذج يحاكي جنة الخلد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.